الآليات الإمراضية في تشمع الكبد..Pathophysiology in Cirrhosis
يعد التشمع أحد الأسباب العشرة الأولى للوفاة في العالم الغربي. يشكل سوء استهلاك الكحول alcoholic abuse سبباً أساسياً للكثير من الحالات. الأسباب الأخرى الرئيسية تتضمن التهاب الكبد المزمن، الأمراض الصفراوية، فرط حمل الحديد Iron overload.
التشمع هو المرحلة النهائية لأمراض الكبد المزمنة ( التي ذكرنا بعضها أعلاه)، ويعرّف بـ3 مميزات:
1) حواجز ليفية جسرية: والتي تكون إما على شكل حزم دقيقة أو بشكل ندب واسعة تحل محل عدة فصيصات كبدية متجاورة.
2) عقيدات برانشيمية: تكونها الخلايا الكبدية المتجددة. وقد تكون عقيدات صغيرة الحجم Miconodules (حجمها أقل من 3 ملم)، أو عقيدات كبيرة الحجم Macronodules (قد يصل قطرها لعدة سنتيمترات).
3) تخرب كامل بنية الكبد.
كيف يحدث ذلك؟
بعد أذية الخلية الكبدية وموتها تتحرر الإنزيمات الحالة Lysosomal enzymes من الخلايا وتطلق السيتوكينات الموجودة في القالب الخارج خلوي Extracellular matrix. تقوم السيتوكينات وبقايا الخلايا الميتة بتفعيل خلايا كوبفر Kupffer cells الموجودة في أشباه الجيوب الكبدية بالإضافة إلى إثارة الخلايا الالتهابية (المحببات granulocytes، اللمفاويات Lymphocytes، وحيدات النوى Monocytes).
بعد ذلك تفرز خلايا كوبفر والخلايا الالتهابية المفعلة عوامل النمو المتنوعة والسيتوكينات.
تقوم عوامل النمو هذه مع السيتوكينات بما يلي:
1) تحويل خلية ايتو Ito cell (أو تسمى الخلية النجمية) المخزنة للدهون والموجودة في الكبد إلى Myofibroblasts.
2) تحويل الخلايا وحيدة النوى المهاجرة إلى خلايا بالعة فعالة active macrophage.
3) تنبيه تكاثر الـfibroblasts.
ويقوم فعل الجذب الكيميائي المحدث بواسطة الـTGF-beta و MCP1 (بالإضافة إلى مواد أخرى ناقلة للإشارات) بتقوية العمليات السابقة.
(ملاحظة:
Transforming Growth Factor-beta=TGF- beta
Monocyte Chemotactic Protein 1=MCP-1
ويفرزان من خلية ايتو Ito cell المنبهة بـ TNF-alpha، عامل النمو المشتق من الصفيحات PDGF، انترلوكينات.)
كنتيجة لما سبق يزداد انتاج القالب الخارج خلوي Extracellular matrix بواسطة الـMFB والـFB، الأمر الذي يعني ترسب أنماط الكولاجين (I، III، IV)، البروتوغليكانات (Decorin, Aggrecan, Lamican, Biglycan) والغليكوبروتينات (Fibronectin, Laminin, Tenascia, Undulin) في مسافة ديس Disse space. يؤدي هذا التليف الحاصل إلى نقص تبادلات المواد بين الدم الموجود في أشباه الجيوب الكبدية وبين الخلايا الكبدية، بالإضافة إلى أنه يعيق مرور الدم في أشباه الجيوب وبالتالي زيادة مقاومة مروره.
في المرحلة الأولى لا يزال بالإمكان تفكيك الكمية الفائضة من القالب الخارج خلوي وإعادة تجديد الخلايا الكبدية. إذا كان التنخر محدوداً بمراكز الفصيصات الكبدية فإن الإعادة الكاملة للبنية الكبدية ممكن. أما إذا كان التنخر متوضعاً في برانشيما الفصيصات الكبدية المحيطية فحينها تنشأ حواجز من النسيج الضام ولا يعود بالإمكان العودة إلى ما كان وتتكون العقيدات التجددية وهنا نكون قد وصلنا إلى التشمع Cirrhosis.
الفيزيولوجيا المرضية للأعراض:
إذاً فالتأثيرات الأساسية التي تنشأ عن الأذية الكبدية المزمنة تتمثل في أمرين: قلة عدد الخلايا الكبدية، وتخريب بنية أشباه الجيوب الكبدية.
تؤدي إعادة الانتاج العشوائي للخلايا الكبدية وتشكل النسيج الندبي الليفي بواسطة خلايا ايتو (الخلايا النجمية) إلى تخريب البنية الهندسية لأشباه الجيوب؛ وبالتالي تقليل الجريان الدموي الكبدي الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف أكثر للوظيفة الكبدية. أيضاً ينتج عن تقليل كمية الجريان الدموي عبر الكبد ارتفاع توتر وريد الباب (فرط توتر وريد الباب).
يؤدي تدني الوظيفة الكبدية إلى تراكم البيلوبين bilirubin وسموم أخرى، ينتج عن ذلك اليرقان jaundice والحكة Itching .
وبما أن الكبد هو المنظم الرئيسي لاستقلاب كل من الكربوهيدرات، الدهون، والبروتينات؛ فإن الأمراض الكبدية المزمنة تؤدي إلى اضطراب استقلابي واسع، مع نقص وزن مستمر وضمور wasting.
الكبد هو المصدر الرئيسي لبروتينات البلازما، بما فيها عوامل التخثر، لذلك يوجد لدى المرضى ميل للنزف، وينقص الألبومين الجائل في الدوران.
وكما ذكرنا ينشأ فرط توتر وريد الباب نتيجة لإعاقة الجريان الدموي، اضغط *هنا* لتتعرف على نتائج فرط توتر وريد الباب (بالإضافة إلى أسبابه الأخرى).
وأخيراً: آلية تشكل الحبن لدى مرضى التشمع الكبدي: