**** واجبنا تجاه رسول الله(صلّى الله عليه و سلّم) ****
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خاتم النبيين و إمام المرسلين و قائد الغر الميامين المحجلين ....... أما بعد :
فقد تكالبت الأمم على سب النبي (صلّى الله عليه و سلّم) و شتمه , و تتابعت دول الكفر واحدة تلو الأخرى في التطاول على جناب رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) , بل وهناك ممن يدّعون الإسلام من الشيعة الراوفض من يتهمون النبي (صلّى الله عليه و سلّم) بالفاحشة , تبا لهم ولما يقولون , و أصبح كل من يريد أن يصبح فنانا أو أديبا كبيرا أو مفكرا مشهورا ولامعا , يشتم النبي (صلّى الله عليه و سلّم) ويتطاول على الدين و يتهمه بالرجعية و التخلف , و لكن نقول لهؤلاء و أمثالهم
لا لن يضر نبينا بحديثكم ... بل زاد قدرا عالي الطبقات
يفدي النبي محمدا كل الورى ... هو مرسل الرحمن بالآيات
و لكن السؤال القائم هنا ما هو موقف الأمة الإسلامية مما يحدث ويجري ؟؟؟ ما هو موقف أمة المليار من التطاول على النبي المختار , و ماذا كان موقفها عندما قام الرسّام الدنمركي اللعين برسم الرسوم المسيئة إلى النبي الكريم (صلّى الله عليه و سلّم) , لقد شجبت و استنكرت و اضطربت اسبوعا أو اسبوعين , شهرا أو شهرين , ثم ماذا ؟؟؟ ثم انطفئت جدوتها وكأن شيئا لم يحدث , أمقام رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) عندنا بهذا القدر , النبي (صلّى الله عليه و سلّم) الذي هو أحب إلينا من آبائنا و أمهاتنا , نبينا (صلّى الله عليه و سلّم) الذي حقه علينا أكبر من حق آبائنا و أمهاتنا , فهم كانوا سببا في وجودنا على هذه الدنيا , أما النبي (صلّى الله عليه و سلّم) فهو السبب في خروجنا من الظلمات على النور , من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد , و نجاتنا من النار , رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) الذي يأتي يوم القيامة كل إنسان يقول نفسي نفسي و نبينا (صلّى الله عليه و سلّم) يقول أمتي أمّتي , فماذا فعات أمته تجاهه (صلّى الله عليه و سلّم) ماذا طبقت من سنته و بماذا حكمت من شريعته .
ولعل أكثرنا يسأل الآن ما هو واجبنا تجاه رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) وما السبيل لنصرته ؟؟
أقول و بالله التوفيق يتلخّص هذا في ستة عناصر :
أولا : أن يكون رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) أحب إلينا من آبائنا و أمهاتنا و أنفسنا التي بين جنباتنا , و لنا في أصحابه (صلّى الله عليه و سلّم) أسوة حسنة, " في يوم احد عندما اجتمع المشركون على النبي (صلّى الله عليه و سلّم) ليقتلوه , قام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فحضن النبي (صلّى الله عليه و سلّم) بذراعيه , فأصاب طلحة يومها ما يزيد على المئة سهم , فما تحرك رضي الله عنه خشية أن يصل سهم للنبي (صلّى الله عليه و سلّم) " , فانظر إلى إجلالهم لرسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) و صدقهم في محبته .
ثانيا : حب من أحبه النبي (صلّى الله عليه و سلّم) و بغض من أبغضه , و هذا من أعظم علامات المحبة و نضرب مثالا من حياة الصحابة رضوان الله عليهم , حيث كان حالهم يمثله قول الشاعر :
نعادي الذي عادى من الناس كلهم ..... بحق ولو كان الحبيب المواسيا
قصة كعب بن الأشرف ذلك اليهودي اللعين , عندما قال النبي (صلّى الله عليه و سلّم) من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله و الرسول ؟ فقام محمد ابن مسلمة و هو ابن اخت كعب , و قام أبو نائلة و هو أخو كعب من الرضاعة , و قالا نحن له يا رسول , ثم قالا للنبي (صلّى الله عليه و سلّم) أتأذن أن نقول له كلاما , أي أن يكذبوا عليه ليخدعوه فيقتلوه , فأذن لهم النبي (صلّى الله عليه و سلّم) , فذهبا لكعب بن الأشرف و قالا له أنهما قد ضاقا ذرعا بهذا الدين , و أن النبي (صلّى الله عليه و سلّم) يطلب منه وسقا أو وسقين من شعير أو تمر وليس معهم ما يعطوه إياه , ثم طلبا منه أن يداينهم ما يعطوه إياه , فضحك اللعين ملئ شدقيه و قال لهم ألم اقل لكم والله لتملّن , ثم طلب منهم أن يرهنوه شيئا لقاء الوسق أو الوسقين من الشعير أو التمر , فاتفقوا في النهاية على أن يرهنوه لأمة الحرب , ثم ذهبوا و جاءوه بليل , و ناداه أبو نائلة فقال انزل يا كعب , وعندما نزل و كانت ريحه تسبقه , قال محمد بن مسلمة ذروني أقول له أريد أن أشمّ رأسك فإذا استمكنت منه فدونكم فاقتلوه , فلما جاء كعب قال محمد بن مسلمة ما رأيت كاليوم ريحا أتأذن لي أن أشم رأسك , فأذن له كعب , فلما استمكن من رأسه و ذؤابتيه فدونكم فاقتلوه , قال فسمعت قعقعة السيوف على عظمه , ثم عادوا للنبي (صلّى الله عليه و سلّم) فقال لهم أفلحت الوجوه , قالوا و وجهك يا رسول الله (1) " , فانظر إلى محمد بن مسلمة , كعب خاله و من أقرب الناس إليه , ولكن لا مكان له في قلب الموحد بالله جل و علا , لأنه آذي النبي (صلّى الله عليه و سلّم)
نعادي الذي عادى من الناس كلهم ..... بحق ولو كان الحبيب المواسيا
ثالثا : تعظيم كلام النبي (صلّى الله عليه و سلّم) في قلوبنا و بين أهلينا و بين الناس أجمعين روي أن ابن عمر رضي الله عنه كان يحدّث أبناءه يوما بحديث رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) لا تمنعوا إماء الله أن يصلّين في المسجد , فقال إبن له إنّا لنمنعهن , فغضب غضبا شديدا و قال : أحدّثك عن رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) و تقول إنا لنمنعهن(2), و في رواية أخرى " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " (3) , و في حديث أخر " أن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه كان يجلس بجانبه إبن أخ له و كان يخذف بالحصى ، فنهاه وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها فقال إنها لا تصيد صيدا ولا تنكي عدوا وإنها تكسر السن وتفقأ العين ، قال فعاد ابن أخيه فخذف , فقال أحدثك أن رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) نهى عنها ثم عدت تخذف , لا أكلمك أبد (4) " , فانظر إلى تعظيمهم لكلام رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) و شدة توقيرهم له , لا كما يحدث في أيامنا هذه , حيث يقال لأحدنا قال رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) فيقول قال الشيخ الفلاني و قال الإمام الفلاني و قال فلان
عجبا لنا بالأمس قال الشافعي ... وسواه قولا ليس فيه خفاء
لا تتركوا قول الرسول لقولنا ... إن تفعلوا هذا فنحن براء
هو وحده المعصوم فاستمعوا له ... و دعوا سواه فإننا خطّاء
رابعا : الصدق في إتباع النبي (صلّى الله عليه و سلّم) و إتباع نهجه و سيرته و التشبه به في كل شئ روي أن ابن عمر رضي الله عنه كان يسير يوما بدابته , فخفض رأسه فسأل في ذلك فقال : رأيت رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) مر من هنا ,و كان ها هنا غصن شجرة , فخفض النبي (صلّى الله عليه و سلّم) رأسه , فخفضت رأسي إقتداء بالنبي (صلّى الله عليه و سلّم) و في حديث آخر " عن أبي أيوب الأنصاري قال: كان رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) إذا أتي بطعام أكل منه ، وبعث بفضله إلي ، وإنه بعث إلي يوما بقصعة لم يأكل منها لأن فيها ثوما ، فسألته: أحرام هو ؟ قال: " لا ، ولكن أكرهه من أجل ريحه , قال: فإني أكره ما كرهت(5)" فانظر إلى الصدق في الإتباع و الإقتداء , أما اليوم فنرى شبابنا قد اتبعوا اليهود و النصارى و الغرب و تشبهوا بهم في المأكل و المشرب و الملبس و في قصة الشعر أيضا , حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه , و هجروا سنة نبيهم (صلّى الله عليه و سلّم) و تركوها , فإلى الله نشكوا حالنا .
خامسا : الصلاة على النبي (صلّى الله عليه و سلّم) متى ما ذكر عندنا , لحديث رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) " البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ(6)" و قوله (صلّى الله عليه و سلّم) " من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا (7) " ولا شك أن لهذا فضل عظيم , و هو من أعظم علامات المحبة , ثم إن الصلاة على النبي (صلّى الله عليه و سلّم) من أعظم أسباب شفاعة النبي (صلّى الله عليه و سلّم) يوم القيامة , و من منّا غني عن شفاعة النبي (صلّى الله عليه و سلّم) .
سادسا : نشر سنته و دعوته (صلّى الله عليه و سلّم) في كل مكان , و تعريف الناس من هو رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) , و نشر سيرته و نهجه بشتّى الوسائل المشروعة , و تطبيق سنته و شريعته على أنفسنا و أهلينا , و التحلي بأخلاقه .
وفي نهاية كلمتي أسأل الله سبحانه و تعالى أن يبلغ سلامنا لنبينا (صلّى الله عليه و سلّم) , و أن يسقينا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا و أن يجمعنا مع النبي (صلّى الله عليه و سلّم) في الفردوس الأعلى و أن يرحم ضعفنا و يتولى أمرنا إنّه ولي ذلك و القادر عليه .
و صلّي اللهم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .