أعادت حادثة رشق الصحفى العراقي منتظر الزيدي للرئيس الأمريكي جورج بوش بالحذاء إلى الأذهان العلاقة القديمة بين السياسة والأحذية، فقد استخدم الزعيم السوفيتتي نكيتا خورتشوف حذاءه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما أنه أجاب أحد الصحافيين عندما سأله عن الفرق بين مرشحي الرئاسة الأمريكية عام 1960، جون كينيدي، وريتشارد نيكسون، قائلا إنهما متشابهان مثل فردتي حذاء.
وعندما سقط نظام الرئيس صدام حسين، انهال العراقيون بالأحذية على تماثيله، وخاصة تمثاله في ساحة الفردوس، وأشتهر في تلك الفترة أبو تحسين الذي ظهر على شاشة الفضائيات، وهو ينهال ضربا بنعله على ما تبقى من تمثال صدام حسين، حتى تحول إلى مضرب المثل عندما يشير المتحدث إلى أي حذاءه على انه "نعل ابو تحسين"، ويمثل رفع الحذاء، أو التهديد بالضرب به، أقسى أنواع الإهانات في الثقافة العراقية.
الجزمة في مصر
وفي مصر كان للـ"جزمة" العديد من المواقف المشهودة أشهرها واقعة مجلس الشعب بين زكي بدر وزير الداخلية الأسبق وطلعت رسلان عضو مجلس الشعب، وفيها سب رسلان وضرب بدر علي مرأي ومسمع من الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب آنذاك.
وجاء عام 2006 ليستحق عن جدارة أن نطلق عليه عام «الجزمة» فقد حظي بثلاث وقائع بدأها مهدي عاكف مرشد الإخوان في أحد أحاديثه الصحفية بإشارته إلي ضرب المعارضين للإخوان بعد سنوات من الآن بالحذاء.
وبعدها بأسابيع جاءت واقعة طلعت السادات وأحمد عز لتعيد إلي الأذهان أمجاد «أحذية» المجلس الموقر، بينما كان ختامها "مراً" حيث قام مرتضي منصور برفع «جزمته» أمام مندوب رئيس الجمهورية وحسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة، وجاءت "جزمة" مرتضي هذه المرة علي الهواء مباشرة لتكون أخطر "المعمعات الحذائية" علي الإطلاق.
وفي عام 2003, شهدت ساحات المسجد الأقصى ضرب وزير الخارجية المصرى أحمد ماهر بالأحذية بعدما قام بزيارة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي وصافح رئيس وزرائها آرييل شارون ووزير خارجيته سيلفان شالوم، الأمر الذي اعتبره الفلسطينيون خيانة لقضيتهم واصفين ماهر بـ "وزير خارجية بلد خائن".
أهمية أمنية
والغريب أن الحذاء اكتسب أهمية أمنية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لاسيما بعد القبض على متطرف بريطاني يحمل في حذاءه موادا متفجرة، ومنذ ذلك الحين أصبح خلع الأحذية بالمطارات منظرا مألوفا، فهل سيفرض على الصحافيين خلع أحذيتهم قبل الدخول إلى المؤتمرات الصحافية، التي يعقدها الرؤساء والقادة، بعد هذا الحذاء الغاضب؟.
ولم يكن ما فعله الصحافي منتظر الزيدي وليد اللحظة التي وجد فيها نفسه في مواجهة الرئيس الأمريكي، وإنما كان قد تعهد أمام زملائه قبل سبعة أشهر بأنه سيضرب الرئيس الأمريكي بالحذاء، لو تصادف وجوده بمؤتمر صحافي، ولم يحمل زملاؤه حديثه على محمل الجد. يبلغ منتظر الزيدي التاسعة والعشرين من عمره، وهو ينتمي إلى عشيرة بني زيد القحطانية المنتشرة في محافظة ديالى، أما ايديولوجيا فهو شيوعي، وعبر من خلال عمله في قناة البغدادية قبل انطلاقها عام 2005 عن مقته الشديد للغزو الأمريكي للعراق، وسبق له العمل بصحيفة الديار، كما تعرض للاختطاف بينما كان متوجها إلى عمله في 16 نوفمبر عام 2007، ولكن أطلق سراحه بعد ثلاثة أيام دون أن يضطر إلى دفع فدية.