الاستخدام العشوائي للأدوية العشبية خطر قاتل
هل تشكل الأدوية العشبية غير المقننة خطورة على الإنسان.. ومن المسؤول عن استيرادها؟! الدواء العشبي هو نبات أو جزء من نبات أو مشتق من نبات والتداوي بالأعشاب قديم جدا قدم الإنسان فقد خلق الله عز وجل النبات على الكرة الأرضية قبل أن تطأها قدم إنسان أو حافر حيوان حيث إن النبات هو الغذاء الأساسي لكل مخلوق حي وبدونه لا وجود للحياة. ومنذ خلق الله الانسان والحيوان وجدت الأمراض التي تنتابهما, وكما جعل الله النبات غذاء لا تستغني عنه الحياة فقد أوجد منه الدواء للأمراض. وأعطى الحيوان الذي لا يعقل ولا يفكر غريزة الاهتداء إلى نوع النبات الذي يشفي مرضه, وترك للإنسان العاقل أن يهتدي إلى النباتات أو الأعشاب الشافية عن الأمراض بالدراسة والتجارب والاستنتاج.
إن الأدوية العشبية قديمة جدا حيث يرجع تاريخ التداوي بها إلى العصور الأولى من التاريخ, والمواد الشافية في الأعشاب عادة لا تنفرد بجزء واحد له علاقة بجزء خاص في الجسم دون أن يكون له تأثير آخر في غيره, كما هو الحال في الأدوية الكيميائية المصنعة, بل ان يد الخالق عز وجل جمعتها في عشبة واحدة بمزيج يستحيل على الإنسان أو مصانعه أن تأتي بمثله, ولذلك كانت العشبة تحتوي من المواد الفعالة الشافية ما يجعلها مفيدة في مداواة أمراض مختلفة وبالأخص إذا أحسن استخدام هذه العشبة والتداوي بالأعشاب ليس وليد اليوم فقد تداوى رسول الله بالأعشاب وأمر أصحابه بالتداوي ونصح أصحابه وأمته بكثير من أنواع العلاج الذي كان موجودا في زمنه ولازال ومنه التداوي بالحبة السوداء وبالحناء ومداواة العين بالكمأة والقط الهندي في معالجة التهاب اللوزتين والتهاب الجنب واستخدام الصبر في أمراض العين والقروح والثغاء "حب الرشاد" ضد الاستسقاء والسنا "العشرق" ضد الامساك, والسنوت ضد المغص.
قد تسبب الأدوية العشبية خطورة بالغة على مستعمليها إذا ما استخدمت بطريقة عشوائية إذا صرفت من قبل شخص غير ملم بالمجموعات الكيميائية الموجودة في كل عشبة وكذلك طرق حفظها وتخزينها والجرعة الآمنة والأعراض الجانبية التي قد تنتج إذا استخدمت جرعة زائدة أو إذا ما تمادى الشخص في استعمالها لفترة طويلة. ونظرا للنهضة العلمية التي حصلت في جميع المجالات ولظهور التقنية الجديدة فقد استعيضت الوصفات العشبية بمركباتها الفعالة التي فصلت على أسس علمية ودرست خواصها الدوائية والسمية وأعراضها الجانبية وحددت جرعاتها الدوائية للصغار والكبار وقيست درجة صلاحيتها للاستعمال الآدمي وحددت تواريخ انتهاء صلاحيتها, وقد ظهر في ضوء ذلك الأدوية العشبية المقننة.
ما هي الأدوية العشبية المقننة؟
الأدوية العشبية المقننة هي تلك الأدوية التي خضعت للدراسة العلمية من قبل علماء متخصصون في هذا المجال, حيث فصلت المركبات الفعالة وحضرت في أشكال صيدلانية "أقراص ـ حبوب ـ كبسولات ـ حقن ـ أمزجه ـ محببات فواره ـ خلاصات ـ صبغات ـ مراهم وغير ذلك".
ومن أهم المركبات التي فصلت من تلك الوصفات العشبية مركبي المورفين والكوداتين اللذان فصلا من ثمار نبات الخشخاش وصنعا على هيئة أقراص وحقن ومحببات وأشربة واستخدما على نطاق واسع في الطب الحديث كمواد مسكنة للألم و كمنومات, كما فصل مركب الكنين من قشور نبات الكينا ووضع على هيئة أقراص لعلاج الملاريا, وكذلك مركب الأمينين الذي فصل من جذور نبات عرق الذهب ووضع على هيئة حقن وشراب وخلاصات ويستخدم لعلاج الكحة والدسنتاريا وكمقيئ, وكذلك مركب الأقدرين الذي فصل من عشب الأقدرا وضع على هيئة أقراص وحقن لعلاج الربو والتهاب الشعب المزمن. كما فصل مركب الا سترلنين من بذور الجوز المقيئ واستخدم كمقو معدي وكذلك مركب الديجوتكسين الذي فصل من عشب التريجيتالا ووضع على هيئة أقراص لعلاج عضلات القلب. كما فصل مركب اللوبولين من عشب اللوبيليا واستخدم على نطاق واسع على هيئة حقن لرد الحياة للأطفال حديثي الولادة عند ولادتهم ولادة غير طبيعية, لا سيما إذا كان هناك نقص في الأوكسجين عند الطفل المولود. كما فصل مركب الرزربين من جذور عشب الراولفيا وصنع على هيئة أقراص لعلاج فرط ضغط الدم وكذلك فصلت عدة مركبات هامة جدا من خطر الأرغوت وأهمها الأرغوتامين والأرغومترين واللذين يستخدمان على نطاق واسع لتعجيل الولادة في حالة تعسر الولادة وكذلك في إيقاف النزيف المرافق لعملية الولادة وكذلك في علاج الصداع النصفي "الشقيقة". وكذلك مركبات الهايوسين والهايوسيامين والأتروبين التي فصلت من نباتات البلادونا والسيكران والداتوره وتستخدم على نطاق واسع لعلاج جميع أنواع التقلصات "المغص" وكذلك لتوسيع حدقة العين حيث يستعمل أطباء العيون قطرة الأتروبين لتوسيع حدقة العين من أجل فحص بؤبؤ العين.
كما فصل مركب هام جدا يعرف بالكولوشيسين من بذور ودرنات عشب اللحلاح "السورنجان" الذي يستخدم على هيئة أقراص لعلاج داء النقرس "داء الملوك". كما فصل مركبي القنبلاستين والفنكرستين من عشب البفته ويوجدان على هيئة حقن لعلاج سرطان الدم عند الأطفال وتضخم الغدد اللمفاوية. وكذلك المضادات الحيوية التي فصلت من بعض الفطور ومن أشهرها البنسلين. كما فصل الزيوت الطيارة من الأعشاب العطرية واستخدمت على نطاق واسع كمطهرات وطاردة للأرياح والغازات وفي تحضير العطور, بالاضافة إلى عدد كبير من المستحضرات العشبية المقننة التي بدأت تغزو أسواق العالم.