السيطرة على الألم!!!ويؤكد البروفسور الألماني أن المورثات تلعب هي الأخرى دوراً في الألم، فبعض الناس لا يشعرون بالألم مطلقاً منذ مولدهم بسبب استعدادات جينية خاصة. وكابحات الألم الخاصة في الجسم لا تطلق لدى عدائي الماراثون وحدهم، بل يمكن لأي إنسان أن يحفزها بالقوة الذهنية. ووفقا لما يراه تسيغلغينسبيرغر فإن الذين يريدون تأثيراً طويلاً على إحساسهم بالألم عليهم أن يتعلموا ألا يخافوه وألا ينظروا إليه على أنه أسوأ مما هو عليه حقاً. ويقول: "من الممكن لأي شخص يتمتع بروح المبادرة وبعقل يقظ أن يفعل ذلك".
كل شيء يتم في الدماغ، ولكن إذا تركت دماغك وشأنه فإنه سيعطي رسائل لأعضاء جسدك، فتتألم لدى حدوث أي مشكلة، ولكن إذا عودت دماغك على أن جميع المشاكل والأمراض والهموم، ما هي إلا أمور يسهل التحكم بها وعلاجها، فإن دماغك تدريجياً سيستجيب لهذه الرسائل وبالتالي تساعده على التحكم بالألم!
القرآن مليء بالآيات التي تساعدك على التحكم بالألمطبعاً نرى أن العلماء يحاولون إدراك طبيعة الألم لإيجاد وسائل للتغلب عليه، ويرون أن أفضل الطرق أن يعود الإنسان نفسه على تحمل الألم، وقد نعجب إذا علمنا أن القرآن هو أكثر كتاب حدد لنا طرق التغلب على الألم، ومن خلال آيات كثيرة جداً، بل إن كل آية من آياته تعتبر بمثابة علاج وشفاء وراحة وطمأنينة.
يقول تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [يونس: 62-65]. فتأملوا معي هذه الآيات كيف تمنح المؤمن الثقة والقوة وتبعد عنه الحزن والخوف وهما أهم عاملين من عوامل الألم، الحزن على ما مضى والخوف مما سيأتي، أي أن الله تعالى شمل بهذه الآية الماضي والمستقبل: (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، وحتى نصل إلى هذه المرحلة يجب أن نحقق شرطين: الإيمان والتقوى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ).
وانظروا معي إلى ذلك النبي الكريم: سيدنا يعقوب عليه السلام الذي ضرب أروع الأمثلة في الصبر وعلاج الألم، فقد فقَد ابنه ثم فقد ابنه الثاني ثم فقَد بصرَه، وعلى الرغم من ذلك لم يفقد الأمل من الله تبارك وتعالى! انظروا ماذا قال لأبنائه بعد سنوات طويلة من الحزن والمعاناة: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف: 87]. كلما قرأتُ هذه الآية أحس بسعادة لا يمكن للكلمات أن تصفها، ومهما كان حجم المشكلة التي أتعرض لها، فإنني كلما تذكرت هذه الكلمات: (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) فإن الهموم تزول والآلام تتبدّد، ولا يبقى في ذاكرتي إلا الفرح والسرور بهذا الإله الرحيم.
أخي المؤمن، أختي المؤمنة! مهما كانت ذنوبكم وآلامكم ومشاكلكم، ومهما كانت لديكم مخاوف أو أمراض أو معاناة، فإن الله تعالى أكبر من همومكم، ورحمته أوسع من السموات والأرض، فلا تفقدوا الأمل من الله، لأنه معكم ولكن بشرط أن تكونوا معه! هذا الإله العظيم الذي خلق الكون بمجراته ونجومه وكواكبه، يخاطبك أيها الإنسان الضعيف الخاطئ البعيد عن الله ويقول لك: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53]. وأوجه الخطاب لأولئك الملحدين الذين يدعون أن "إله الإسلام" كما يقولون لا يعرف الرحمة، وأستغفر الله من هذا القول، وأتمنى منهم أن يستمعوا بقلوبهم وعقولهم إلى هذه الكلمات الإلهية الرائعة والمليئة بالرحمة: (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا).
ووالله لو أن أحداً أساء إليهم بكلمة لتمنوا زواله من الدنيا، وامتلأ قلبهم غيظاً وعداوة وحقداً عليه، ولكن الله تعالى على الرغم من نعمه علينا وعلى الرغم من أنه سخر لخدمتنا كل شيء في هذا الكون، تجد كثيراً من الناس يجحدون بنعمة الله، وينكرون فضله، والمصيبة أنهم لا يعترفون بخالق الكون جل جلاله!! وعلى الرغم من ذلك يخاطبهم ويناديهم: (لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ)!!! ألا يستحق هذا الإله العبادة والسجود والإيمان به؟
وأخيراً أتذكر دعاء سيدنا أيوب عندما أنهكه المرض والألم فنادى ربه بهذا الدعاء: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأنبياء: 83]. فهذا الدعاء أنصح به كل من يعاني من ألم أو مرض أو مشكلة، وستزول سريعاً بإذن الله تعالى.