السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكتب لكنَّ اليوم عن مواقف لأطفال ولكنها بحق تستحق التقدير
الموقف الأول :
دخل على عمر بن عبد العزيز فى أول خلافته وفد المهنئين من كل جهة
فتقدم من وفد الحجازيين للكلام غلام صغير لم تبلغ سنه إحدى عشر سنة
فقال له عمر: أرجع أنت وليتقدم من هو أسن منك
فقال الغلام : أيد الله أمير المؤمنين , المرء بأصغريه : قلبه ولسانه ,فإذا منح الله العبد لسانا لافظا
وقلبا حافظا فقد إستحق الكلام ولو أن الأمر يا أمير المؤمنين بالسن لكان فى الأمه من هو أسن أحق
منك بمجلسك هذا .
فتعجب عمر من كلامه وأنشد:
تعلم فليس المرء يولد عالما *** وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنده *** صغير , إذا التفّت عليه المحافل
الموقف الثانى :
نقلت كتب الأدب أن صبيا تكلم بين يدى الخليفة المأمون فأحسن الجواب
فقال له المأمون :ابن من أنت ؟
فقال الصبى : ابن الأدب يا أمير المؤمنين
فقال المأمون : نعم النسب وأنشد يقول :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا *** يغـنيـك مـحمـوده عـن النسـب
إن الفتى من يقول : ها أنا ذا *** ليس الفتى من يقول : كان أبى
الموقف الثالث :
دخل المأمون مرة بيت الديوان فرأى غلاما صغيرا على أذنه قلم
فقال له :من أنت ؟
قال: أنا الناشئ فى دولتك والمتقلب فى نعمتك والمؤمل لخدمتك أنا الحسن بن رجاء
فعجب المأمون من حسن إجابته وقال : بالإحسان فى البديهه تفاضلت العقول
أرفعوا هذا الغلام فوق مرتبته
الموقف الرابع
روى البخارى عن أبن عباس رضى الله عنهما - وكان دون الحلم - أنه قال : كان عمر رضى الله عنه يدخلنى - أى فى أيام خلافته - مع أشياخ بدر ( أى فى المشورة ) , فكأن بعضهم وجد فى نفسه ( أى غضب ) فقال: لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟
فقال عمر : إنه من حيث قد علمتم !!
( أى ممن خصه صلى الله عليه وسلم بالدعاء له : " اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل " )
فدعانى ذات مرة أدخلنى معهم , فما رأيت أنه دعانى يومئذ إلا ليريهم .
قال : ما تقولون فى قوله تعالى : " إذا جاء نصر الله والفتح ........" ؟
فقال بعضهم ك أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا , وسكت بعضهم فلم يقل شيئا .
فقال لى : أكذلك تقول : يا ابن عباس ؟
فقلت : لا .
قال : فما تقول ؟
قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له , قال : " إذا جاء نصر الله والفتح " , وذلك علامة أجلك " فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " .
فقال عمر رضى الله عنه : ما أعلم منها إلا ما تقول .
الموقف الخامس
قحطت البادية فى أيام ( هشام بن عبد الملك ) فقدمت عليه العرب فهابوا أن يتكلموا وكان فيهم
( درواس بن حبيب ) وهو إذ ذاك صبي فوقعت عليه عين هشام فقال لحاجبه : ما يشاء أحد يدخل
علىَّ إلا دخل حتى الصبيان ؟!
فقال الصبى : يا أمير المؤمنين ! إنا أصابتنا سنون ثلاث : سنة أذابت الشحم , وسنة أكلت اللحم
, وسنة نقَّت العظم ( أى أخرجت مخه ) وفى أيديكم فضول أموال , فإن كانت لله ففرقووها على عباده
وإن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم ؟ , وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم , فإن الله يجزى المتصدقين ولا يضيع أجر المحسنين .
فقال هشام : ما ترك لنا هذا الغلام فى واحدة من الثلاث عذرا , فأمر للبوادى بمائة ألف درهم , وله
بمائة ألف درهم .
فقال الصبى : أرددها يا أمير المؤمنين إلى جائزة العرب , فإنى أخاف أن تعجز عن بلوغ كفايتهم .
فقال هشام : أما لك حاجة ؟
قال الصبى : ما لى حاجة فىَّ خاصة دون عامة المسلمين !
فخرج الصبى وهو من أنبل القوم وأكرمهم .
الموقف السادس
مرَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه مرة فى طريق من طرق
المدينة , وأطفال هناك يلعبون , وفيهم عبد الله بن الزبير وهو طفل يلعب,
فهرب الأطفال هيبة من عمر , ووقف ابن الزبير ساكتا لم يهرب .
فلما وصل غليه عمر قال له : لِمَ لم تهرب مع الصبيان ؟
فقال على الفور : لست جانيا فأفرَّ منك , وليس فى الطريق ضيق فأوسّع لك .
إنه جواب جرىء وسديد .