الشك ظاهرة صحية
سيكلوجية الشك ليوسف ميخائيل اسعد
الفصل الثالث : الشك والصحة النفسية
يعتبر الشك كاي وظيفة ذهنية ظاهرة صحية ودلالة على تمتع المرء بالصحة النفسية اذا ما مارسه بغير افراط او تفريط ،لذا نعتبر الشخص الامع غير متمتع بالصحة النفسية الجيدة ،وهو ذلك الفرد المصاب بالتصديق الساذج بغير اعمال الفكر وبغير اللجوء الى النقد ،وما اكثرهم اليوم تقودهم مجموعة من الفضائيات الساقطة اخلاقيا !
وشرط الاعتدال في الشك هو التمتع بالصحة العصبية والصحة العقلية والصحة الوجدانية السلمية والتمتع بتربية جيدة.والخروج عن هذه السوية يكون بسبب مؤثر داخلي (بيولوجي – عقلي –وجداني ) وكذلك بسبب مؤثر خارجي (الاسرة – المجتمع ) .
وهنا يمكن القول بان الحالة الشكية التى يكون عليها المرء تكون متأثرة بالجسم والعقل والجهاز الوجداني.
والخروج عن اطار السوية في الشك تكون بتأثير امراض بيولوجية او عقلية او وجدانية ،وقد تكون هذه الثلاثة سليمة الا ان طبعها على مجموعة من العادات العقلية يكون السبب في الخروج عن السوية .
السؤال هنا متى يكون الشك سويا ً ؟
شروط الشك السوي :
1- اعتماد الشك على واقع موضوعي خارج اطار ذات الشخص الشاك.
وبتعبير اخر يجب ان يجد الشاك في الموقف ما يجعله يشك .
مثال : شك شخص في ورقة مالية تعرض عليه او صحة مشروع يعرض عليه للمشاركة .
فالشك السوي في حالة الاوراق المالية ربما يجد فيها شيئا شاذا عما الف ان يراه فيها ،وربما يجد في طريقة اصحاب المشروع من الحاح او من علامات وامارت ترتسم على وجوهم اي تظهر في نظراتهم مما يجعله يشك في صحة المشروع وشرعيته .
2- عدم المبالغة في الشك .
مثال :حالة الشك الغير سوي ،اذا وجدنا شخص يتناول كل عملة مهما صغرت قيميتها بالفحص والشك بحيث لا يقبل التعامل مع احد ماليا الا بعد فحص كل ورقة فحصا جيدا مشوبا بالشك فاننا نشك في سوية هذا الشك .
3- يجب ان يكون الشك عقليا وليس وجدانيا .
أي يكون الشك هنا مجرد تفكير منطقي خال من الحالات الوجدانية فيكون شكا موضوعيا بعيد عن الذات .اما اذا اصطبغ الشك بالوجدان والانفعال فانه يكون اسقاطا لما يعتمل بدخيلة المرء من اعوجاجات وانحرافات نفسية .
4- الشك وسيلة وليس هدفا .
أي ينتهي بانتهاء الموقف المستدعي للشك وموضفا بازاء الموقف.
5- ان يكون الشك مخصصا وليس عاما-أي عدم التعميم- .ونقصد بالتخصص ان ينصب الشك على حالة واحدة او شخص واحد او على فكرة واحدة.
وليس على كل الحالات او الاشخاص او الافكار.فالشك المرضي ان يشك المرء في كل من يقابلهم معتقدا انهم لصوص او يريدون النصب والاحتيال والتآمر عليهاو نحو ذلك الذي يتخذ الصفة التعميمية .وكذا الحال بالنسبة الى الشخص الذي يشك في صحة جميع الاراء او الكلام الذي يترامى الى سمعه او يقوم بقراته في صحيفة او كتاب.ان شكه هذا منحرف عن خط العقل السديد.
اذا كان هذه شروط الشك حتى يكون معتدلا فما اهمية ذلك لنا ولمجتمعنا ككل ؟
اهمية الشك السوي للفرد والمجتمع :
1- الشك وسيلة لازمة للنمو العقلي .
2- يعمل الشك على تنقية الفكر من الافكار والمعتقدات الخاطئة واستبداها باخرى صحيحية .
3- يعد الشك الوسيلة الوحيدة التى تحرز بها الانسانية تقدم في مضامير الحضارة المتباينة .
4- عملية التقييم برمتها في شتىء مجالات الحياة ترتكز على الشك الوظيفي .
5- الشك السوي يشكل قواما رئيسيا في العلاقات الاجتماعية ولا نسلم قيادنا لكل من هب ودب، نثق في الأخريين مع الاستمرار في الشك الوظيفي فيهم .
الاتزان الهرموني والشك :
هناك علاقة بين الاتزان الهرموني والشك وبالتالي الاتزان النفسي(الصحة النفسية) يتضح من خلال الشرح الاتي ،ففي حالات كثيرة يوجد ارتباط مباشر بين الشك الغير السوي واختلال الاتزان الهرموني .فالملاحظ ان فترة المراهقة تزداد افراز الهرمونات لدى المراهق وفي الجاني الاخر يزداد نسبة الشك لديه بالافكار والمعتقدات ويكون اكثر عناد عن المراحل الاخرى لا يصدق أي احد ويشك في كثير من المعتقدات حتى الامر يصل الى المعتقدات الدينية فتبدا رحلة المعانة للمراهق وهنا يتجلى دور المربي الحكيم ليصل به الى شاطى الامان واليقين.
وكذلك يلاحظ ان وصول المراة الى سن الياس وانقطاع الدورة الشهرية وما يصاحبه من نقص في هرمونات جنسية تتغير نظرة المراة الى الحياة وتفسيرها للمواقف الحياتية .
وكذلك يلاحظ عند اصابة الرجل او المراءة بالعنة (العجز الجنسي) يبدا في الشك في سلوك شريكه بانه يخونه مع اقاربه او معارفه او جيرانه.
كما ان هناك بعض التفسيرات للعبقرية بما يصاحبها من افراط او نقص في بعض الهرموانات ،مثل الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الذي كان حياته الجنسية مضطربة .واذا كان هذا حال العباقرة فانه اولى بالمجنانين ،وهنا يتبارد الخلاف بين الاطباء النفسانيين هل الاضطرابات الهرمونية هي المسؤلة عن الجنون ام العكس ؟؟
مراحل ادراك المحسوسات :
ادراك المرء لاشياء المحسوسة المحيطة به سواء كانت منظورة او ملمسوة او متذوقة او مشمومة انما تمر بمرحلتين :
1- مرحلة الاحساس (مرحلى تاثرية تقبلية).
يتم الاحساس بطريقة استقبالية بواسطة حاسة او اكثر من الحواس الخمس .
2-مرحلة الشك .
يتم في هذه المرحلة المفاضلة والمقارنة و تقع بين التصديق والانكار .
3- مرحلة اصدار الحكم .
الفترة الاختيارية يجب ان تكون مناسبة للمقام ولمدى صعوبة او تعقيد الموقف ،و البقاء فيها يوقع المرء في دوامة الوسوسة.مثاله :مثل الشخص الذي يظل يتردد طوال الليل بين السرير وباب الشقة للتأكد من انه احكم اغلاقه .فهنا الخطاء ليس في الاحساس بل في الوقوع على اختيار من الخيارين وهما احكام الاغلاق الباب وعدم اغلاقه.
مما يصاب الفرد بالارهاق النفسي والقلق ويستبد القلق بالموسوس كل الاستبدال بحيث يصير في شقوة دائمة وفي تعب نفسي مستمر .فالشك ظاهرة سوية اذا كان مجرد خطوة او مرحلة يصل بعدها المرء الى قرار، اما الشك المرضي هو العجز عن الخروج من اطاره الى مرحلة الحكم والقرار
.
امراض الوجدان والشك :
1- الجوع الوجداني .
الانسان بفطرته بحاجة الى ان يأخذ ويعطي الحب من والى الاخرين ،والجوع العاطفى المستمر لفترة طويلة من العمر تجعل المرء في حالة من الشك اي الاختيار بين الاشخاص المحيطين به ليقرر من اولئك يحبه منهم ومن يكرهه،وهنا يصبح الجائع عاطفيا غير قادر على الوصول الى قرار .
2- التذبذب بين الحب والكراهية ..
ونرى الشخص هنا متذبذب للفرد الواحد مرة بالحب واخرى بالكره دون سبب وجيه ،او متذبذب بالنسبة لمجموعة افراد. فيكون الشك هنا تذبذب في الاختيار او العجز عن الاختيار والثبات لمدة معقولة .
3- - فقدان الثقة بالنفس ..
التذبذب هنا بين احتقار الذات وتأليه الذات والتقلب بين التفاؤل والتشاؤم والحيرة بين التقشف والارتماء في ملذات الحياة .
امراض العقل والشك
والمقصود بامراض العقل ما كان متعلقا بالتفكير .
أ) التناقض في منطق التفكير .
ب) تفكك وعدم ترابط الكلام .
ت) الخطاء في اصدار الاحكام حتى ابسط القضايا اليومية.
ث) التشبث بالافكار الثابتة .
ج) العجز عن اصدار أي حكم .
مع أطيب تحياتى لك وللجميع بالسعادة والتوفيق ....
تحياتى / أبو حبيبة