قال – عز من قال، وقوله الحق-:
بسم الله الرحمن الرحيم “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” …
بهذه الآية من القرآن الكريم، استهلت أحدث دراسة عن الإسلام في الصين أصدرها معهد العلوم الإسلامية ببكين وأقرتها الجمعية الإسلامية الصينية – أعلى سلطة دينية لمسلمي الصين – حول أبرز المخطوطات النادرة للقرآن الكريم التي عثر عليها في الصين حتى يومنا هذا سعيا لتحديد التاريخ الفعلي الذي دخل فيه الإسلام إلى الصين.
تقول الدراسة: لم يقبض الله روح نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – إلا والقرآن الكريم محفوظ مكتوب لا ينقصه إلا الجمع في مصحف واحد. وفي عصر الخلفاء الراشدين (632 – 661م) بدأت أعمال جمع وترتيب القرآن، وفي عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان تم تدوين القرآن في مصحف واحد نسخت منه سبع نسخ حفظت في المدينة المنورة ومكة المكرمة ودمشق والكوفة والبصرة وصنعاء والبحرين، وهذه النسخ السبع هي أقدم مخطوطات القرآن الكريم.
فيما بعد زاد عدد مخطوطات القرآن الكريم في العهد الأموي والعصر العباسي، ويقال أن “ابن البواب” -الناسخ المعروف في العصر العباسي – نسخ بمفرده 64 نسخة من القرآن طوال حياته، لكن متى ظهرت أول نسخة للقرآن بخط اليد في الصين؟ ومن الذي نسخها؟ ليس ثمة إجابة قاطعة على ذلك ولكننا نستطيع أن نستدل من مخطوطات القرآن الموجودة في الصين أن أقدمها يرجع إلى القرن الحادي عشر الميلادي تقريبا أي في أواسط العصر العباسي.
ففي تلك الفترة انتشر القرآن انتشارا واسعا بالسهول الوسطى للصين مع انتشار الدعوة الإسلامية في تلك البقعة، ويحمل عدد قليل من مخطوطات القرآن القديمة في الصين أسماء ناسخيها بينما أسماء وتواريخ نسخ معظمها مجهولة.
وهذا ما يجعل البحث في تاريخ الإسلام وتاريخ نسخ القرآن في الصين مهمة شاقة، فيما الأمر الآخر الذي يزيد من صعوبة البحث في هذا المجال هو إمكانية وجود نسخ دخيلة من بين المخطوطات الموجودة.
ولفتت الدراسة إلى أنه من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن نسخ الكتاب العزيز بخط اليد أدي إلى انتشار وتطور فن الخط العربي إلى أبعد الحدود،حيث عثر لاحقا على أنواع الخطوط العربية بما فيها النسخ الكوفي والفارسي في مخطوطات القرآن المتوارثة في ربوع الصين، وإن كانت اختلفت قليلا عن أشكالها الأصلية نتيجة اندماج
الثقافة العربية في الثقافة الصينية.
بكين – أ.ش.أ.