منتدى أبناء الغربــــــــــــــــــــــية
-
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكراادارة المنتدي
منتدى أبناء الغربــــــــــــــــــــــية
-
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكراادارة المنتدي
منتدى أبناء الغربــــــــــــــــــــــية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى أبناء الغربــــــــــــــــــــــية

منتدى يهتم بالتعليم وبتدريب إنتل (دورة الأساسيات)وكل مايرقى بالإنسانيه
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابهالبوابه  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
دعاء مأثور : «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك» [رواه مسلم]. من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة الا أن يموت حديث صحيح : ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا صححه الألباني دعاء مأثور : «اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك» [رواه مسلم]. حكمة وموعظة : يا طفل الهوى ! متى يؤنس منك رشد ، عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك مهمل في الآثام ، و جسدك يتعب في كسب الحطام (لابن الجوزي). اعوذ بالله من الشيطان الرجيم {اَللَهُ لا إِلَهَ إلا هو اَلحي ُ القَيَوم لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوْمٌ لَّهُ مَا فيِِ السَمَاوَاتِ وَمَا في اَلأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ ِوَمَا خَلْفَهم وَلا َيُحِيطُونَ بشَيءٍ مِنْ علمِهِ إِلاَ بِمَا شَآء وَسعَ كُرْسِيُّهُ السَمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلاَ يَؤُدُه حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَليُّ العَظِيم ** شريط أهداء من منتدى مدرسة سعد زغلول الى أبناء الغربية

 

 التسامح والعفو من شيم الكرام

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
لطيفه
عضو ذهبى
عضو ذهبى
لطيفه


عدد المساهمات : 2081
نقاط : 2474
تاريخ التسجيل : 21/06/2010
العمر : 39
الموقع : طنطا

التسامح والعفو من شيم الكرام Empty
مُساهمةموضوع: التسامح والعفو من شيم الكرام   التسامح والعفو من شيم الكرام Emptyالثلاثاء نوفمبر 16, 2010 7:37 am

بسم الله الرحمن الرحيم






السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




ينبغي للإنسان أن يصدر كل ليلة عفواً عاماً قبل النوم عن كل من أساء إليه طيلة النهار بكلمة أو

مقالة أو غيبة أو شتم أو أي نوعمن أنواع الأذى، وبهذه الطريقة سوف يكسب الإنسان الأمن

الداخلي والاستقرارالنفسي والعفو من الرحمن الرحيم، وطريقة العفو العام عن كل مسيء هي

أفضلدواء في العالم يصرف من صيدلة الوحي «ادفع بالتي هي أحسن» «والكاظمين الغيظ

والعافين عن الناس والله يحب المحسنين»، يا من أراد الحياة في أبهج صورهاوأبهى حُللِها اغسل

قلبك سبع مرات بالعفو وعفّره الثامنة الغفران، قام رجل يسبُّ أبا بكر الصديق ويقول: والله لأسبنَّك

سباً يدخل معك قبرك، فقال أبوبكر: بل يدخل معك قبرك أنت، وسبَّ رجلٌ الإمام الشعبي فقال

الشعبي: إن كنتَ كاذباً فغفر الله لك، وإن كنتَ صادقاً فغفر الله لي. إن تحويل القلب إلى حيّات

للضغينة وعقارب للحقد وأفاعي للحسد أعظم دليل على ضعف الإيمان وضحالةالمروءة وسوء

التقدير للأمور، وكما يقول شكسبير: لا توقد في صدرك فرنا لعدوك فتحترق فيه أنت، ما أطيب القلب

الأبيض الزلال، ما أسعد صاحبه، ماأهنأ عيشه، ما ألّذ نومه، ما أطهر ضميره، ثم هل في هذا العمر

القصير مساحة لتصفية الحسابات مع الخصوم، وتسديد فواتير العداوة مع المخالفين؟ إن العمر أقصر

من ذلك، وإن الذي يذهب ليقتصّ من كل من أساء إليه وينتقم من كل من أخطأعليه سوف يعود

بذهاب الأجر، وعظيم الوزر، وضيق الصدر، وكثرة الهم مع قرحةالمعدة، وارتفاع الضغط، وقد يؤدي

ذلك إلى جلطة مفاجئة أو نزيف في الدماغ ينقل صاحبه مباشرة إلى العناية المركّزة ليضاف لقتلانا

ممن مات في قسم الباطنية صريعاً للتخمة بعد أكلة شعبية قاتلة، إن أفضل أطباء العالم هم ثلاثة:

الدكتور بهجة، وتخصصه السرور والفرح والعفو والصفح، والدكتور هادئ، وتخصصه أخذ الأمور بهدوء

والدفع بالتي هي أحسن، والدكتور رجيم، وتخصصه عمل رجيم للجسم لمنعه من كل ضار ومن

الإكثار من المشتهيات التي يدعو إليها الشيطان الرجيم، أيها الناس: الحياة جميلة، ألا ترون النهار

بوجهه المشرق وشمسها الساطعة وصباحه البهيج وأصيله الفاتن وغروبه الساحر، لماذا لا تشارك

الكون بهجته فتضحك كما تضحك النجوم، وتتفاءل كما تتفاءل الطيور، وتترفق كما يترفق النسيم،

وتتلطف كما يتلطف الطّل، الحياة جميلة إذا أخرجتم منها الشيطان والشر والشكوالشتم والشؤم

والشماتة ، والمشكلة أن بعضنا متشائم تريه وجه الشمس فيشكو حرّها، وتخرج له الزهرة

فيريك شوكها، وتشير إلى نجوم الليل فيمتعض منظلمته، إذاً اقترح عليك أن تصدر الليلة مرسوماً

بالعفو عن كل من أساء إليك وبعدها سوف تنام ليلة سعيدة

التسامح والعفو من شيم الكرام Tasamoh
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شذى الورد
عضو ذهبى
عضو ذهبى
شذى الورد


عدد المساهمات : 725
نقاط : 930
تاريخ التسجيل : 14/10/2010

التسامح والعفو من شيم الكرام Empty
مُساهمةموضوع: رد: التسامح والعفو من شيم الكرام   التسامح والعفو من شيم الكرام Emptyالثلاثاء نوفمبر 16, 2010 11:53 am

سلمت يداك يا اختى

وهنا ايضاٌ

ثمـانيـة أسبـاب لِـ كظـم الغيـظ

أولاً: درِب قلبك.

إن هذه العضلة التي في صدرك قابلة للتدريب والتمرين ،
فمرّن عضلات القلب على


كثرة التسامح، والتنازل عن الحقوق، وعدم الإمساك بحظ النفس، وجرّب أن
تملأ قلبك بالمحبه

فلو استطعت أن تحب المسلمين جميعًا فلن تشعر أن قلبك ضاق بهم، بل سوف تشعر

بأنه يتسع كلما وفد عليه ضيف جديد، وأنه يسع الناس كلهم لو استحقوا هذه المحبة.

فمرّن عضلات قلبك على التسامح في كل ليلة قبل أن تخلد إلى النوم، وتسلم عينيك

لنومة هادئة لذيذة.
سامح كل الذين أخطؤوا في حقك، وكل الذين ظلموك، وكل الذين حاربوك، وكلا الذين
ا
قصروا في حقك، وكل الذين نسوا جميلك، بل وأكثر من ذلك..
انهمك في دعاء صادق لله -سبحانه وتعالى-
بأن يغفر الله لهم، وأن يصلح شأنهم، وأن يوفقهم..؛
ستجد أنك أنت الرابح الأكبر.
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:


( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ
يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ) أخرجه مسلم.
ثانيًا: سعة الصدر وحسن الثقة؛ مما يحمل الإنسان على العفو.
ولهذا قال بعض الحكماء:
"أحسنُ المكارمِ؛ عَفْوُ الْمُقْتَدِرِ وَجُودُ الْمُفْتَقِرِ"
فإذا قدر الإنسان على أن ينتقم من خصمه؛ غفر له وسامحه
قال تعالى
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)
وقال صلى الله عليه وسلم لقريش
:"مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟" قَالُوا : خَيْرًا! أَخٌ كَرِيمٌ
وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: "اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ".

ثالثًا: شرف النفس وعلو الهمة بحيث يترفع الإنسان عن السباب، ويسمو بنفسه فوق هذا المقام.


فلابد أن تعوِّد نفسك على أنك تسمع الشتيمة؛ فيُسفر وجهك، وتقابلها بابتسامة

عريضة، وأن تدرِّب نفسك تدريبًا عمليًّا
على كيفية كظم الغيظ

رابعًا: طلب الثواب من عند الله.
عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:


" مَنْ كَظَمَ غَيْظًا - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ - دَعَاهُ
>اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حَتَّى
يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ مَا شَاءَ "
خامسًا: استحياء الإنسان أن يضع نفسه في مقابلة المخطئ.
وقد قال بعض الحكماء:
"احْتِمَالُ السَّفِيهِ خَيْرٌ مِنْ التَّحَلِّي بِصُورَتِهِ
وَالْإِغْضَاءُ
عَنْ الْجَاهِلِ خَيْرٌ مِنْ مُشَاكَلَتِه".
سادساً: الرحمة بالمخطئ والشفقة عليه، واللين معه والرفق به.
قال سبحانه وتعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا
غَلِيظَ
الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر)

وفي هذه الآية فائدة عظيمة وهي: أن الناس
يجتمعون على الرفق واللين، ولا يجتمعون على الشدة والعنف
وهؤلاء هم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار -رضي
الله
عنهم-، والسابقين الأولين؛ فكيف بمن بعدهم؟!
فلا يمكن أن يجتمع الناس إلا على أساس الرحمة والرفق.
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه لِرَجُلٍ شَتَمَه:
"يَا هَذَا لا تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا
فَإِنَّا
لا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ
اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ".

وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ له الشَّعْبِيُّ:
"إنْ كُنْتُ كمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لِي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا
قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ".
فعليك أن تنظر في نفسك وتضع الأمور مواضعها قبل أن تؤاخذ الآخرين،
سابعًا: قطع السباب وإنهاؤه مع من يصدر منهم، وهذا لا شك أنه من الحزم.
حُكِيَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِضِرَارِ بْنِ الْقَعْقَاعِ: وَاَللَّهِ
لَوْ
قُلْت وَاحِدَةً؛ لَسَمِعْت عَشْرًا

فَقَالَ لَهُ ضِرَارٌ: وَاَللَّهِ لَوْ قُلْت عَشْرًا؛ لَمْ تَسْمَعْ
وَاحِدَةً !

ثامناً: حفظ المعروف السابق, والجميل السالف.
كان الشافعي - رحمه الله- يقول:
إِنَّ الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَ
لَفْظَة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لطيفه
عضو ذهبى
عضو ذهبى
لطيفه


عدد المساهمات : 2081
نقاط : 2474
تاريخ التسجيل : 21/06/2010
العمر : 39
الموقع : طنطا

التسامح والعفو من شيم الكرام Empty
مُساهمةموضوع: رد: التسامح والعفو من شيم الكرام   التسامح والعفو من شيم الكرام Emptyالثلاثاء نوفمبر 16, 2010 1:22 pm

جزاك الله خيرا اخى الفاضل
مشكور على الاضافه الرائعه
وهذا يفتح لى المجال لنتعرف على
العفو فى القرآن


العفو في القرآن
من الأخلاقيات الأساسية والمفصلية التي يركز عليها القرآن الحكيم هي صفة (العفو)، وكأن هذه الصفة هي امتداد للكثير من المرتكزات والأسس الأخلاقية في النفوس الكبيرة، وما التركيز الذي نلحظه من خلال تتبعنا لآيات الكتاب العزيز على هذه الصفة الأخلاقية الرفيعة إلا إشارة واضحةً على أهميتها وعمق آثارها، والتي لا يمكن إغفالها، من هنا سنحاول الحديث عن هذا الجانب من خلال تتبع الآيات التي تتحدث عن العفو؛ حتى نستفيد منها رؤىً وبصائر.
العفو في اللغة:
******في البدء سنحاول وضع أيدينا على المعنى اللغوي لـلعفو)حتى نلحظ بالتالي الظِّلال والمعاني التي تختزلها هذه الكلمة...ففي لسان العرب يقول في معرض الحديث عن هذه الكلمة: " عفا: في أسماء الله تعالى: العفُوُّ، وهو فَعُولٌ من العَفْوِ، وهو التجاوز عن الذنب وتَرْكُ العقاب عليه، وأصله المَحْوُ والطَّمْس، وهو من أبنية المبالغة. يُقال: عفا يعْفُو عَفْواً، فهو عافٍ وعَفُوٌّ، قال الليث: العَفْوُ عَفْوُ الله عزَّ وجلَّ عن خلقه، والله تعالى العَفُوُّ الغفور. وكلُّ من استحقَّ عقوبةً فتركْتَها فقد عفوتَ عنه. قال ابن الأنباري في قوله تعالى : عفا الله عنك لِمَ أذِنْتَ لهم؛ محا الله عنك، مأخوذٌ من قولهم عَفَت الرياح الآثار إذا دَرَسَتْها ومَحَتْها، وقد عَفَت الآثار تَعْفُو عُفُوّاً ... يقال : عفوتُ لفلانٍ بمالي يقال : عفوتُ لفلانٍ بمالي إذا أفْضَلْتُ له فأعطيته، وعفوتُ له عمَّا لي عليه إذا تركتَه له... ورجلٌ عفوٌّ عن الذنب: عافٍ. وأعفاه من الأمر: برَّأه. واستعفاه : طلب ذلك منه. والاستعفاء: أن تطلب إلى من يُكَلِّفُك أمراً أن يعفيك منه. يقال: أعفني من الخروج معك أي دعني منهو العفو المعروف، والعفو الفضل.
مفهوم العفو :
******هكذا تطلع علينا هذه المفردة من بين ثنايا كتب اللغة، فالعفو مفردةٌ تحمل فيما تحمله من معنىً، تحمل معنى اللين والرفق والرحمة والعطف والانتصار على الرغبة الجامحة في التشفي والانتقام وأخذ الثأر، وبمعنى آخر العفو: هي صفة تترجم كلَّ معاني الإنسانية النبيلة، والصفات الخُلُقية الرفيعة، بحيث يتسع صدر الإنسان ليس لِنِده ونظيره وحسب، بل يتسع صدره ويتسع بحيث يستوعب أيضاً المخالِف والضِّد !! بل هو لا يجد غضاضةً في أن يقبل به كأحسن ما يكون القبول .
******ويوضح لنا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام معنى العفو فيقول: " الصفح أن يعفو الرجل عما يُجنى عليه ويحلم عما يغيظه.
وقال أيضاً عليه السلام: من عفا عن الجرائم فقد أخذ بجوامع الفضل. ويقول عليه السلام: عند كمال القدرة تظهر فضيلة العفو. وقال كذلك: لا يقابل المسيء بأفضل من العفو عنه. بل إن الإمام يذهب إلى أبعد من ذلك؛ وذلك حينما يقول: ما عفا عن الذنب من قرَّع به.
*****فهو عليه السلام يعتبر مجرد التقريع بالذنب إقصاءً لحالة العفو والتسامح، وهذا خُلُقٌ رفيع يستحق التأمل والإعجاب.
ملاحظات على ضوء التعريف:
1-إن هناك خيطاً دقيقاً يمكننا ملاحظته من خلال المعنى اللغوي، ومن خلال كلام الإمام علي عليه السلام، وهو اشتراط القدرة حين العفو و الصفح والتجاوز، إذ لا يمكننا أن نتصوَّر العفو دون لحاظ القدرة في المقام، بل " و تزداد صفة العفو أهمية عند المقدرة، و بالذات عند سيطرة فريق على آخر، وما أحوج حكام المسلمين اليوم إلى هذه الصفة الإيمانية التي كانت رمز بقاء الإسلام و انتشار نوره، أفلا تأسُّوا برسولهم الكريم الذي عفا عن قريش بعد أن شنَّتْ عليه حرباً بكلمةٍ واحدةٍ قائلاً: " اذهبوا فأنتم الطلقاء " و عفا عن قاتل حمزة عمِّه الكريم، بالرغم من أن قتله أحدث في فؤاده جرحاً نازفاً " إن خُلُقَ الرسول كان من أعظم أسباب انتشار نور الإسلام و عزة المسلمين.
2-.العفو عن الناس الذي يمثل الروح المتسامحة الطيبة التي لا تنطلق من عقدة داخلية نفسية عندما تكظم غيظها، بل تعمل على التخلص من كلِّ أجواء الغيظ بتفريغ النفس من كل الحالات السلبية التي تثيره وتعقده، وذلك بأن يتلمس أسباب العفو في دراسته للنقص الذي رُكِّب في الإنسان، أو للظروف الداخلية أو الخارجية التي دفعته نحو الخطأ، أو بغير ذلك مما يوحي بالأسباب التخفيفية الباعثة على العفو عنه، واعتبار كأنَّ الخطأ لم يكن، في كل سلبياته الذاتية، وهذا الذي يجعل الأمر بالصبر وكظم الغيظ وسيلةً للتهدئة والتبريد الداخلي، من أجل دفع الإنسان إلى التفكير الهادئ المتزن الذي لا يتعامل مع العنف، بل يتعامل مع الرفق واللين، ولا يندفع في اتجاه تعقيد المشاكل بل يعمل على حلها مهما أمكن، وذلك هو السبيل الذي يجعل من العفو حالةً واعية ً واقعيةً بدلاً من أن تكون حالةً مزاجيةً طارئةً لا ترتكز على أساسٍ من وعيٍ وفكرٍ وإيمان.
3-في حال (العفو) لا يُكْتَفَى فيه بعدم الغضب و عدم التقريع وما أشبه، وإنما يَستدْعِي العفوُ أيضاً محوَ كلِّ الآثار المترتبة على ذلك الذنب المُرتكَب في حق العافي، سواءٌ أكانت تلك الآثار نفسيةً أو ماديةً .
أن العفو الإلهي له مظاهره الكثيرة والتي لا يحصيها إلا الله عزَّ وجل، ولأن الله سبحانه وتعالى خلقنا ليرحمنا لا ليعذبنا، كان عفوه الكبير أملاً يسلب ألباب البشر، ويفتح أمامهم أبواب الرجوع والتوبة، كما أن في ذلك جانباً تربوياً أيضاً، يضيء حياة الإنسان من خلال دعوة الإنسان للتخلُّق بأخلاق الله، كما ورد في الحديث الشريف تخلقوا بأخلاق الله) وإتباع ما يكون محلاً لرضوانه ومحبوبيته، فلو كان بريق أمل العفو مطفئاً، وأبواب العفو موصدةً، لكان حال الإنسان غير الحال الذي هو عليه.
أن الحديث عن العفو الإلهي في القرآن الكريم اتخذ تمظهراتٍ مختلفةً، فأحياناً يتحدث القرآن الكريم عن العفو الإلهي على مستوى الحياة الدنيا، وهذا بدوره له صورٌ شتى، كالعفو المتعلِّق بالتشريعات الربانية السمحة، والتي تراعي قدرة الإنسان واستطاعته على تأدية التكليف الشرعي، وعدم الوصول به إلى حدِّ الحَرَج والعُسْر، بل التوجه دائماً نحو التخفيف عنه وعدم التشديد أو الإثقال عليه .
وفي هذا الإطار أيضاً، يتكرر ذِكْرُ العفوِ الإلهي ضمن سياق الدعاء والطلب منه عزَّ وجلَّ، بأن يشمل عباده بعفوه الكبير؛ وذاك لأن الإنسان في هذه الحياة إنما هو عرضة لارتكاب الأخطاء والوقوع في المزالق الشيطانية، ومن رحمة الله بعباده أن جعل باب التوبة مُشْرعاً لمن أراد التوبة والرجوع، لذا نرى أن العفو في القرآن الحكيم يتكرر بهذه الصيغة؛ صيغة الأمر ( وكأن القرآن يريد منا أن نلتفت إلى أهمية هذه النافذة الرحمانية، باعتبارها جانباً مركزياً في حياتنا، إذ هو ليس - فقط - لمن ارتكب خطيئةً أو ذنباً ما، بل هو لكل إنسانٍ مؤمن بالله؛ لذا نرى الأنبياء والأولياء والصالحين يلجأون إلى الدعاء في كثيرٍ من الأحيان، وخاصةً المواقف الحَرِجَة منها، وهذا واضحٌ – لمن أراد التعرف أكثر – في الأدعية الواردة على ألسنة الأنبياء في القرآن الحكيم .
ومن المعاني التي تكررت كثيراً في القرآن لـ (العفو) هو مجيها بمعنى التجاوز والصفح و محو الذنوب والخطايا والأخطاء و عدم المؤاخذة عليها، وهذه بدورها على قسمين؛ الأول منها ما يكون في الحياة الدنيا، وقد تحدثنا عن العفو الذي يقابل التخفيف في التكاليف، والآن نتحدث عن العفو في معناه الثاني وهو: (محو الذنوب)سواءً كان في الدنيا أو الآخرة.
أما البعض الآخر من هذه الأوامر فموَّجهٌ للمسلمين عامةً، كدعوة لاتخاذ العفو وسيلةً في التعاملات الحياتية المختلفة.
******وهذا كلُّه يحمل في طياته الكثير من معاني التشجيع والتحريض على ممارسة هذه الحالة الإنسانية الرفيعة بين الناس، باعتبارها ركيزةً من ركائز الصلاح في المجتمع الإسلامي، *و وظيفة الأمة الإسلامية بعد حوادث الإفك و ما تسببه من فرقة و خلاف هو السعي نحو الوحدة لبناء كيان جديد يقوم على أساسها. (ألا تحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم) ربما يؤاخذ المؤمنون من اختلق الإفك ضدهم ، و لكن هل ضمنوا لأنفسهم البراءة الخالصة من ذلك، و الكل معرض لارتكاب الخطأ بحق الآخرين ؟! لذا ينبغي الصفح عن الآخرين حتى يغفر الله لمن يصفح، و فعلاً بادر المسلمون فور نزول هذه الآية الكريمة قائلين عفونا و صفحنا، أملاً في غفران الله.
******وما أحوجنا اليوم ونحن نعيش ظروف الصراع مع أعداء الدين إلى التعافي بيننا، ولو عرفنا ما في العفو من ثواب عظيم لاستصغرت في أعيننا المكاسب الجزئية التي ترتجي من صراعنا الداخلي أو انتصارنا من بعضنا البعض، هكذا جاء في الحديث المأثور عن الإمام الصادق قال: قال رسول الله (ص): " عليكم بالعفو، فإن العفو لا يزيد العبد إلا عزاً، فتعافوا يعزكم الله "، ولعل العزة تأتي عبر انتصارهم على عدوهم بما يوفره التعافي عن بعضهم من التماسك الداخلي.
أهمية العفو ومكتسباته:
ونحن نعيش في مثل هذا العصر، الذي يتكاثر الحديث فيه عن السلام، والتعايش السلمي، والقبول بالآخر المختلف، نجد أن القرآن ما زال يضيء لنا الطريق بآفاقه الرحبة؛ وذلك حين نجد أن القرآن الحكيم يدفعنا لا إلى القبول بالآخر المختلف معنا في الرأي ووجهات النظر وحسب، بل يريد منا أن نقبل بمن ارتكب في حقنا خطأً ما، ويطالبنا أن نصفح عنه ونجاوز عن ذنبه، بل هو يعتبر – القرآن – أن إصلاح الخلل الحاصل إنما يكون من خلال هذا العفو.
إن من المكتسبات المهمة التي يمكن أن يجنيها الإنسان من خلال التزامه (العفو) منهجاً وفكراً وسلوكاً، هو المكتسب الأخروي، حيث أن آثار العفو لا تقتصر على الزمن الدنيوي المحدود فقط، بل إن آثاره تمتد إلى أبعد من ذلك، وقد مرَّ بنا أن الله جل وعلا هو الذي يتكفل بأجر العافي، لعظم ما قام به من عمل.
الحياة المطمئنة والتي يحلُّ فيها السلام والاستقرار والعزة، عن الإمام الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): (عليكم بالعفو ، فإن العفو لا يزيد العبد إلا عزاً ، فتعافوا يعزكم الله)، وهذا هو الأثر النفسي الذي يتركه (العفو)على المستوى الاجتماعي، حيث أن العزة تبدأ من أعماق الإنسان، ومن هذه العزة ينطلق في رحاب الحياة في حركةٍ كلُّ ملامحها تنطق بالعزة والكرامة .
ثم إن العفو هو من أهم مقومات الوحدة في الأمة، وما يستتبع هذه الوحدة من ترابطٍ اجتماعيٍ، يشدُّ من رباط الانسجام والتواصل في المجتمع الإسلامي والإنساني كذلك، لهذا نجد أن القرآن في إحدى جوانبه يحارب أسباب الفرقة والتمزق، وفي جوانبه الأخرى يشدِّد على التمسك بأسباب الوحدة والترابط .
قد يعتقد البعض أن الأسلوب الأمثل لحل المشاكل وعدم تكرارها، هو المؤاخذة الصارمة والتقريع المتشدِّد، في حين أن القرآن الحكيم يشير إلى خلاف ذلك، حيث أنه يوجه الرسول والمسلمين إلى معالجة مشاكل بحجم الرسالة والتبليغ، بأسلوب العفو والصفح الجميل، عن أبي جعفر (ع): "الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة لهذا فالإسلام يحارب النظرة التي تتميز بضيق الأفق و

عدم نفاذ البصيرة، ليكرِّس النظرة الأكمل والأشمل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اماني
عضو ذهبى
عضو ذهبى
اماني


التسامح والعفو من شيم الكرام Z


عدد المساهمات : 2959
نقاط : 4037
تاريخ التسجيل : 24/12/2009

التسامح والعفو من شيم الكرام Empty
مُساهمةموضوع: رد: التسامح والعفو من شيم الكرام   التسامح والعفو من شيم الكرام Emptyالثلاثاء نوفمبر 16, 2010 2:01 pm

عالمنا اليوم في أشد الحاجة إلى التسامح الفعال والتعايش الإيجابي بين الناس أكثر من أي وقت مضى، نظراً لأن التقارب بين الثقافات والتفاعل بين الحضارات يزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات والاتصالات والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الأمم والشعوب، حتى أصبح الجميع يعيشون في قرية كونية كبيرة.

تعريف التسامح:

جاء في اللسان في مادة (سَمَحَ) السَّماحُ والسَّماحةُ: الجُودُ.

سَمُحَ سَماحَةً وسُمُوحة وسَماحاً: جاد؛ ورجلٌ سَمْحٌ وامرأة سَمْحة من رجال ونساء سِماح وسُمَحاء فيهما، حكى الأَخيرة الفارسي عن أَحمد بن يحيى. ورجل سَمِيحٌ ومِسْمَح ومِسْماحٌ: سَمْح؛ ورجال مَسامِيحُ ونساء مَسامِيحُ؛

وفي الحديث: يقول الله عز وجل: أَسْمِحُوا لعبدي كإِسماحه إِلى عبادي؛ الإِسماح: لغة في السَّماحِ؛يقال: سَمَحَ وأَسْمَحَ إذا جاد وأَعطى عن كَرَمٍ وسَخاءٍ؛ وقيل: إِنما يقال في السَّخاء سَمَح، وأَما أَسْمَح فإِنما يقال في المتابعة والانقياد؛ ويقال: أَسْمَحَتْ نَفْسُه إذا انقادت، والصحيح الأَول؛ وسَمَح لي فلان أَي أَعطاني؛ وسَمَح لي بذلك يَسْمَحُ سَماحة. والمُسامَحة: المُساهَلة. وتَسامحوا: تَساهَلوا.

وفي الحديث المشهور: السَّماحُ رَباحٌ أَي المُساهلة في الأَشياء تُرْبِحُ صاحبَها.

ويقال: أَسْمَحَتْ قَرِينتُه إذا ذلَّ واستقام، وسَمَحَتِ الناقة إذا انقادت فأَسرعت، وأَسْمَحَتْ قَرُونَتُه وسامحت كذلك أَي ذلت نفسه وتابعت. ويقال: فلانٌ سَمِيحٌ لَمِيحٌ وسَمْحٌ لَمْحٌ.

وتقول العرب: عليك بالحق فإِن فيه لَمَسْمَحاً أَي مُتَّسَعاً، كما قالوا: إِن فيه لَمَندُوحةً. (1)

والتسامح كما جاء في تعريفه إصطلاحاً : (هو كلمه دارجة تستخدم للإشارة إلى الممارسات الجماعية كانت أم الفردية تقضي بنبذ التطرف أو ملاحقة كل من يعتقد أو يتصرف بطريقة مخالفة قد لا يوافق عليها المرء.(2)

وأخيراً فالتسامح بالمعنى الحديث يدل على قبول اختلاف الآخرين – سواء في الدين أم العرق أم السياسة – أو عدم منع الآخرين من أن يكونوا آخرين أو إكراههم على التخلي عن آخريتهم(3).

التسامح في القرآن الكريم:

إن الإسلام الذي جاء به رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقدمه ذلك التقدم الملحوظ حمل بين طياته قوانين عدة مهمة عملت على نشره في شتى أرجاء العالم الأكبر.

فمن أشهر هذه القوانين المهمة التي كان لها الدور الأكبر والطائل في تقدم المسلمين في مختلف الميادين هو قانون: اللين واللاعنف والتسامح الذي أكدت عليه الآيات المباركة فضلاً عن الأحاديث الشريفة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام.

ففي القرآن الكريم هناك أكثر من آية تدعو إلى اللين والسلم ونبذ العنف والبطش، فقد أشار المجدد الثاني الإمام السيد محمد الشيرازي إلى هذه الآيات في كتابه اللاعنف في الإسلام، وهذه الآيات بطبيعة الحال تحث الإنسان على إجتراح هذه الطريق الشائكة، (ولا نزال نرى في القرآن الحكيم خير دعوة علمية وعملية إلى اللاعنف والسلم) كما هي وجهة نظره (قدس سره).

وهنا أسجل بعضاً من هذه الآيات ليتدبرها القارئ:

يقول سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).(4)

ويقول: (وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا).(5)

ويقول: (وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).(6)

ويقول: (خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ).(7)

ويقول: (وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ).(8)

ويقول: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ).(9)

ويقول: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) (10).. إلى غيرها وغيرها من آيات الذكر الحكيم.

التسامح في السنة النبوية:

أما التسامح من وجهة نظر السنة النبوية فإنه يتشارك مع ما جاءت وحملته هذه اللفظة لغوياً فأن معنى التسامح هو التساهل والمساهلة في كل جوانب الحياة لذلك جاء قول الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلمSadرحم الله امرئ سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى).

إن سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وأهل بيته عليهم كانوا أبرز تجلٍّ ومصداق لسلوك منهجية السلام والتسامح في الأمة؛ فالرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى اله وسلم قائد الحركة السلمية اللاعنفية الأولى في تاريخ العالم.

وهو صلى الله عليه وعلى اله وسلم حامل راية السلم والسلام لأنه يحمل للبشرية النور والهداية والخير والرشاد والرحمة والرأفة فيقول صلى الله عليه وعلى اله وسلمSadإنما أنا رحمة مهداة) (11)، ويتحدث القرآن الكريم عن رسالته فيقولSadوما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) 12 ، فأن الرحمة والسلم والسلام جاء بها الإسلام للناس كافة.

وكثرة لفظ وتكرار السلام على هذا النحو مع أحاطته بالجو الديني النفسي من شأنه أن يوقظ الحواس جميعها ويوجه الأفكار والأنظار إلى المبدأ السلمي العظيم.(13)

وقد أهتم علمائنا في تدوين كل ما يتعلق في ذلك فقد ألّف حول ذلك الإمام الشيرازي(قدس سره) كتاباً عن تاريخ الرسول الأعظم صلى الله عليه وعلى اله وسلم، وهو تحت عنوان (ولأول مرة في تاريخ العالم)؛ لأنه لأول مرة في التاريخ، وبعد فترة من الرسل ظهرت هذه الحركة السلمية الشاملة، والإلهية المباركة، بقيادة الرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم، وبهذا الشكل الذي لا يزال يتفاعل في النفوس، ويترك أثره الطيب في العالم حتى اليوم). (15)

ويتبنى هذه الرؤية أيضاً الباحث (خالص جلبي) إذ يشير إلى (أن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان صاحب أعظم ثورة لاعنفية، في تاريخ الجنس البشري، نجح فيها نجاحاً كاملاً، وأقام النظام السياسي، بدون انقلاب عسكري، وجيوش وأسلحة، وحروب وغزوات، وبدون سفك دماء).(16)

فهذا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام يقول في أمر الخلافة: (لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري والله لأُسلِّمنَّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جورٌ إلاَّ عليَّ خاصة التماساً لأجر ذلك وفضله، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفة وزبرجة).(17)

كما أن علياً عليه السلام هو الذي هتف بأمرٍ من الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم -عندما فتح المسلمون مكة المكرمة- بشعار: (اليوم يوم المرحمة اليوم تحمى الحرمة.. ) بعد أن ردد سعد بن عبادة شعاره الجاهلي: (اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة)!.. وللقارئ أن يتأمل الفرق الكبير والشاسع بين الشعارين!! ليطمئن إلى أن السلم واللاعنف خيار استراتيجي في الإسلام، (ولذا نرى أن الأنبياء والأئمة عليهم السلام والمصلحين كانوا يجنحون للسلام لا قبل قدرتهم بل حتى بعد قدرتهم).(18)

المعنى الشامل للتسامح:

إن المفهوم العام للتسامح لا يعني بالضرورة أن يرتبط بالجانب الاجتماعي على حساب جوانب الحياة الأخرى فكثيراً ما تستخدم هذه الكلمة في المسائل الاجتماعية حتى أنها توحي بأنها من مفرداتها أو من مصطلحاتها، ألا أنه من المصطلحات ذات المعنى العام والشمولي، إذ لا يقتصر على الجانب الاجتماعي فحسب أنما يتعداه إلى الجانب والاقتصادي وحتى السياسي، وله علاقة عامه وشمولية في كل جوانب العلم والمعرفة وله دور في مختلف أبعاد الحياة.
موقف الأديان من التسامح الديني


أن الأديان بحكم إنتمائها إلى السماء، فإنها لا تأمر إلاّ بالخير والحق والصلاح ولا تدعو إلاّ بالبِرّ والحب والرحمة والإحسان، ولا توصي إلا بالأمن والسلم والسلام، وما كانت يوماً في حدِّ ذاتها عائقاً أمام التبادل والتلاقح والتَّثاقف ولا أمام التعايش والتعارف والحوار، وإنما العائق يكمن في الذين يتوهمون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة ويستغلون الأديان في أقدار الناس ومصائرهم، تلك المهمة التي أبى الله تعالى أن يمنحها لأنبيائه الأخيار.

والمهم أيضاً، أن الإشكال ليس في الأديان ذاتها وإنما هو كامن في عُقم إفهام بعض القائمين عليها ولا زالت المفارقات بين المبادئ والممارسات الواقعة هنا وهناك لا تُحصى وهذا ما سأبينه الآن.

1-التسامح في الإسلام:

إن التسامح وفق المنظور الإسلامي، فضيلة أخلاقية، وضرورة مجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وإدارتها، والإسلام دين عالمي يتجه برسالته إلى البشرية كلها، تلك الرسالة التي تأمر بالعدل وتنهى عن الظلم وتُرسي دعائم السلام في الأرض، وتدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً في جو من الإخاء والتسامح بين كل الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم.

فالجميع ينحدرون من (نفس واحدة)، كما جاء في القرآن الكريم:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾.(19)

كما أن الإسلام من جهته يعترف بوجود الغير المخالف فرداً كان أو جماعة ويعترف بشرعية ما لهذا الغير من وجهة نظر ذاتية في الاعتقاد والتصور والممارسة تخالف ما يرتـئيه شكلاً ومضموناً، ويكفي أن نعلم أن القرآن الكريم قد سمّى الشِّرك ديناً على الرغم من وضوح بطلانه، لا لشيء إلاّ لأنه في وجدان معتنقيه دين.(20)

والواقع أن المرء إذا نظر إلى تلك المبادئ المتعلقة بموضوع حرية التديّن التي أَقَرَّها القرآن بموضوعية، لا يسعه إلاّ الاعتراف بأنها فعلاً مبادئ التسامح الديني في أعمق معانيه وأروع صوره وأبعد قِيمه.

فعالمنا اليوم في أشد الحاجة إلى التسامح الفعال والتعايش الإيجابي بين الناس أكثر من أي وقت مضى، نظراً لأن التقارب بين الثقافات والتفاعل بين الحضارات يزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات والاتصالات والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الأمم والشعوب، حتى أصبح الجميع يعيشون في قرية كونية كبيرة.

والسؤال الذي يطرح في هذا السياق هو:

ما هي الجذور المعرفية والفكرية لمفهوم التسامح في الإسلام؟

للإجابة عن هذا السؤال ينبغي علينا أن نعرف الأمور التالية:

أ- يعترف الإسلام في كل أنظمته وتشريعاته، بالحقوق الشخصية لكل فرد من أفراد المجتمع، ولا يجيز أي ممارسة تفضي إلى انتهاك هذه الحقوق والخصوصيات، ولا ريب أنه يترتب -على ذلك -على الصعيد الواقعي الكثير من نقاط الاختلاف بين البشر، ولكن هذا الاختلاف لا يؤسس للقطيعة والجفاء والتباعد، وإنما يؤسس للمداراة والتسامح مع المختلف.

ب- إن المنظومة الأخلاقية والسلوكية، التي شرعها الدين الإسلامي من قبيل الرفق والإيثار والعفو والإحسان والمداراة والقول الحسن والألفة والأمانة، وحث المؤمنين على الالتزام بها وجعلها سمة شخصيتهم الخاصة والعامة، كلها تقتضي الالتزام بمضمون مبدأ التسامح.

ومن خلال هذه المنظومة القيمية والأخلاقية، نرى أن المطلوب من الإنسان المسلم دائما وأبداً وفي كل أحواله وأوضاعه، أن يلتزم بمقتضيات التسامح ومتطلبات العدالة.

فالتسامح كسلوك وموقف ليس منة أو دليل ضعف وميوعة في الالتزام بالقيم، بل هي من مقتضيات القيم ومتطلبات الالتزام بالمبادئ، فالغلظة والشدة والعنف في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، هي المناقضة للقيم، وهي المضادة لطبيعة متطلبات الالتزام وهي دليل ضعف لا قوة.

فالأصل في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، أن تكون علاقات قائمة على المحبة والمودة والتآلف، حتى ولو تباينت الأفكار والمواقف، بل إن هذا التباين هو الذي يؤكد ضرورة الالتزام بهذه القيم والمبادئ.

فوحدتنا الاجتماعية والوطنية اليوم، بحاجة إلى غرس قيم ومتطلبات التسامح في فضائنا الاجتماعي والثقافي والسياسي.

2-التسامح في الاديان الاخرى

والصحيح أن الإسلام لم يكن وحده في إشتماله على مبادئ التسامح، فالمسيحية التي تقول أناجيلها: لقد قيل لكم من قبل أن السنّ بالسنّ والأنف بالأنف، وأنا أقول لكم: لا تقاوموا الشرّ بالشرّ بل من ضرب خدّك الأيمن فحوّل إليه الخد الأيسر ومن أخذ رداءك فأعطه أزارك وإن سخّرك لتسير معه ميلاً فسر معه ميلين.(21)

-من استغفر لمن ظلمه فقد هزم الشيطان.(22)

-عاشروا الناس معاشرة إن عشتم حنّوا إليكم وإن متّم بكوا عليكم.(23)

هذه نصوص مأخوذة من الإنجيل (الكتاب المقدس) وهي بدورها تتضمّن مبادئ التسامح في أَجْلى صوره، بل إنه تسامح يبدوا أحياناً فوق الطاقة، وهذا دليل ثانٍ على تشارك الأديان السماوية في هذا الجانب الفضيل من جوانب الحياة ولا غرابة في ذلك لان الربّ واحد ومشرّع القيم السمحة واحد، على الرغم من اختلاف الأنبياء والأديان.

وكذلك فأن اليهودية تدعو إلى التسامح فإذا نظرنا إلى مثل هذه الوصايا..

-كل ما تكرهُ أن يفعلهُ غيرك بك فإياك أن تفعلهُ أنت بغيرك.(24)

-اغتسلوا وتطهّروا وأزيلوا شرَّ أفكاركم (...) وكفّوا عن الإساءة*تعلّموا الإحسان والتمسوا الإنصاف25.

وهكذا.....بات واضحاً أن التسامح الديني مطلب إنساني نبيل دَعَت إليه الأديان كافة، وكيف لا تدعو إليه وقد أرادته الحكمة الإلهية واقتضته الفِطرة الإنسانية واستوجبته النشأة الاجتماعية وفرضته المجتمعات المدنية وحتّمته وما تحتاج إليه من قِيَم حضارية ومَدنية نبيلة.

روح التسامح:

في الإسلام تعد الكلمة أول وآخر شيء في الدعوة، ذلك لأن الدعوة إلى الله تعالى لما كان الهدف من إيصال الحق إلى القلوب ليستقر فيها ويحرك الإنسان باتجاه الفضيلة، فإن من الضروري أن تكون الكلمة الوسيلة الأساس في تحقيق هذا الهدف، بسبب ما فيها من رؤية ولين وقدرة على الإقناع، وبسبب ما تحققه من ضمانة الثبات والتمكن لأفكارها في القلوب والسلوك.

وهذا السياق هو الذي تؤكده الآيات الكريمة بوصفه الميزة التي اختصت بها الدعوة الإسلامية، التي أرادت السمو بالإنسان إلى ملكوت الله تعالى والأنس بجواره.

فيقول تبارك وتعالىSadإدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).(26)

والموعظة الحسنة على حد تعبير بعض المفسرين هي: التي تدخل القلب برفق، وتعمق المشاعر بلطف، لا بالزجر والتأنيب في غير موجب، ولا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو حسن نية، فإن الرفق في الموعظة كثيرا ما يهدي القلوب الشاردة ويؤلف القلوب النافرة ويأتي بخير من الزجر والتأنيب.

والدعوة إلى سلوك الطريق الأحسن في مقام الجدل والصراع الفكري، هي دعوة قرآنية تخاطب كل مجال من مجالات الصراع في الحياة وتتصل بكل علاقة من علاقات الإنسان بأخيه الإنسان في مجالات الصرع.

إنها دعوة الله إلى الإنسان في قوله تعالى: ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)(27) ، وقولهSadوقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا).

هذه الدعوة الصافية التي توحي للإنسان في كل زمان ومكان، أن مهمته في الحياة هي أن يثير في الإنسانية عوامل الخير ويلتقي بها في عملية إستثارة وإستثمار، بدلا من عوامل الشر التي تهدم ولا تبني وتضر ولا تنفع وتدفعه في الوقت نفسه إلى أن يجعل اختيار الأحسن في كل شيء وفي كل جانب من حياته شعاره الذي يرفعه في كل مكان وزمان.

وإن القوة مهما كانت درجتها لن تنسجم مع طبيعة الرسالة الإسلامية، مادامت القوة تعني محاصرة العقل وفرض الفكرة عليه تحت تأثير الألم أو الخوف لذلك فإن الباري عز وجل يحذر رسوله أن يمارس التبليغ بروح السيطرة والاستعلاء، (فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر).(28)

ولما كانت الأخلاق تتجلى رقة وحنانا واستيعابا للآخرين، فإننا نلاحظ أن الله تعالى يذكر نبيه بالقاعدة الذهبية التي جعلته داعيةً ناجحاً ومقبولاً، ويؤكد له أن حيازته على هذه السجية إنما هي بفضل الله وتوفيقه: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) آل عمران 159، وفي هذا الجو المفعم بالأخلاق وطيب القلب والعفو، نحدد علاقتنا بالأشياء والأشخاص، لتكون بأجمعها مشدودة إلى هذه القيم النبيلة، وسائدة في هذا الاتجاه.

فالأصل في العلاقة بين بني الإنسان بصرف النظر عن إتجاهاتهم الأيدلوجية والفكرية، هو الرحمة والإحسان والبر والقسط وتجنب الإيذاء.
التسامح والتعددية


لقد جاء في المادة رقم "1" من القانون العام لليونسكو الفقرة "3": إن التسامح مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان والتعددية (بما في ذلك التعددية الثقافية) والديمقراطية وحكم القانون وهو ينطوي علي نبذ الدوغماتية29، والاستبدادية ويثبت المعايير التي تنص عليها الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.(30)

لذا يكتسب التسامح أهمية خاصة إذا كان للناس ذوي القناعات الدينية والإيديولوجية والسياسية المختلفة يرغبون في أن يعيشوا معاً في مجتمع ديمقراطي تعدُّدي.

إن العصر الحديث يشهد ولاسيما في المنطقة العربية بروز مجتمعات متعدِّدة الثقافات إلى مدى يتزايد بإستمرار، يتحقَّق فيه خلال فترة طويلة تنوُّعٌ في الفوارق الدينية والمذهبية، فإن ذلك يجعل فضيلة التسامح ضرورية إلى أقصى الحدود.

ومن هنا لا يجوز أن يُنظر إلى اختلاف الجماعات البشرية في أعراقها وألوانها ومعتقداتها ولغاتها على أنها تمثل حائلاً يعوق التقارب والتسامح والتعايش الإيجابي بين الشعوب، فقد خلق الله الناس مختلفِين: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾(31)،كما يقول القرآن الكريم.

ولكن هذا الإختلاف بين الناس في أجناسهم ولغاتهم وعقائدهم لا ينبغي أن يكون منطلقاً أو مبرراً للنـزاع والشقاق بين الأمم والشعوب، بل الأحرى أن يكون هذا الاختلاف والتنوع دافعاً إلى التعارف والتعاون والتآلف بين الناس من أجل تحقيق ما يصْبون إليه من تبادل للمنافع وتعاون على تحصيل المعايش وإثراء للحياة والنهوض بها. ومن هنا يقول القرآن الكريم: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾(32)، والتعارف هو الخطوة الأولى نحو التآلف والتعاون في جميع المجالات.

التسامح والحوار:

إن الحوار في معناه الصحيح لا يقوم ولا يؤدي إلى الهدف المنشود إلا إذا كان هناك احترام متبادل بين أطراف الحوار، واحترام كلِ جانب لوجهة نظر الجانب الآخر وبهذا المعنى فإن الحوار يعني التسامح واحترام حرية الآخرين، واحترامُ الرأي الآخر لا يعني بالضرورة القبول به.

وليس الهدف من الحوار مجرد فكّ الاشتباك بين الآراء المختلفة أو تحييد كل طرف إزاء الطرف الآخر، وإنما هدفُه الأكبر هو إثراء الفكر وترسيخ قيمة التسامح بين الناس، وتمهيد الطريق للتعاون المثمر فيما يعود على جميع الأطراف بالخير، وذلك بالبحث عن القواسم المشتركة التي تشكل الأساس المتين للتعاون البنّاء بين الأمم والشعوب. والحوار بهذا المعنى يُعد قيمة حضارية ينبغي الحرص عليها والتمسك بها وإشاعتها على جميع المستويات.

والوعي بذلك كله أمر ضروري يجب أن نعلمه للأجيال الجديدة، وبصفة خاصة عن طريق القدوة وليس عن طريق التلقين ولا جدال في أن الحوار قد أصبح في عصرنا الحاضر أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، بل أصبح ضرورة من ضرورات العصر، ليس فقط على مستوى الأفراد والجماعات، وإنما على مستوى العلاقات بين الأمم والشعوب المختلفة.

وإذا كانت بعض الدول في القرن الجديد لا تزال تفضل شريعة الغاب بدلاً من اللجوء إلى الحوار، فإن على المجتمع الدولي أن يصحّح الأوضاع، ويعيد مثل هذه الدول الخارجة على القيم الإنسانية والحضارية إلى صوابها حتى تنصاع إلى الأسلوب الحضاري في التعامل وهو الحوار، فليس هناك من سبيل إلى حل المشكلات وتجنب النـزاعات إلا من خلال الحوار.

ومن منطلق الأهمية البالغة للتعارف بين الأمم والشعوب والحضارات والأديان -برغم الإختلافات فيما بينها-كانت دعوة الإسلام إلى الحوار بين الأديان.(33)

وذلك لما للأديان من تأثير عميق في النفوس ويعد الإسلام أول دين يوجه هذه الدعوة واضحة صريحة في قوله تعالى:﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.(34)
قيم التسامح


يتضح مما سبق إن التسامح الديني أو التسامح الشامل له قيم على أساسها يبنى وفي خضمها يحقق غايته وهذه القيم هي:

1- قيمة التسامح في كونه ضرورة وجودية:

إن ما يجب تسليط الضوء عليه أن أهمية التسامح الديني تتمثّل في كونه ذا بُعد وُجودي، أي أنه ضروري ضرورة الوجود نفسه.

ولتوضيح ذلك يمكن الالماع إلى أن سُنّة الوجود قد اقتضت أن يكون وجود الناس على الأرض في شكل تجمّعات بشرية، وهي وإن اتّفقت في ما يجمع بينها من وحدة الأصل والحاجة إلى التجمّع والحرص على البقاء والرغبة في التّمكّن من مقوّمات الحياة والسّعي في إقامة التمدّن والعمران والتَّوق إلى الارتقاء والتقدّم فإنها قد تباينت في ما تتفرّد به كل مجموعة من خصوصية عرقية ودينية وبيئية وثقافية.

وقد صرّح القرآن بهذه الحقيقة الوجودية فقال: ( يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).(35)

وقد ألمع القرآن إلى ضرورة هذا الاختلاف النمطي، وإلى حتمية وجوده حتى يتمكّن كل فرد وكل مجتمع من العيش حسب ما لديه من إرادة وحرية واختيار وبالطريقة التي يهواها ويرتضيها.

وهكذا نلحَظ، أن الغاية من اختلاف الناس إلى شعوب وقبائل وتنوعهم إلى ثقافات ومَدَنيات إنما هو التعارف لا التَّناكر، والتعايش لا الاقتِتَال، والتعاون لا التَّطاحن، والتكامل لا التعارض، وبات واضحاً أن أهمية التسامح الديني تتمثّل في كونه ضرورياً ضرورة الوجود نفسه.

2- قيمة التسامح الديني تتمثّل في كونه يقتضي الاحترام المتبادل:

أن قيمة التسامح الديني تتمثّل في كونه يُقرّ الاختلاف ويقبل التنوّع ويعترف بالتغاير ويحترم ما يميز الأفراد من معطيات نفسية ووجدانية وعقلية، ويقدر ما يختص به كل شعب من مكونات ثقافية امتزج فيها قديم ماضيه بجديد حاضره ورؤية مستقبله، هي سبب وجوده وسرّ بقائه وعنوان هويته ومَبعث اعتزازه.

3- قيمة التسامح الديني تتمثّل في كونه يقتضي المساواة بالحقوق:

من الواضح أن قيمة التسامح الديني تتمثّل في كونه يقتضي التسليم المطلق – إعتقاداً وسلوكاً وممارسة – بأنه إذا كان لهؤلاء وجود فلأولئك وجود، وإذا كان لهؤلاء دين له حُرمته فلأولئك دين له الحُرمة نفسها، وإذا كان لهؤلاء خُصوصية ثقافية لا ترضى الانتهاك فلأولئك خُصوصية ثقافية لا تقبل الـمَسّ أبداً.

4- قيمة التسامح الديني تتمثّل في كونه داعماًً لإقامة مجتمع مَدني:

من الواضح أن التسامح الديني يُعدّ أرضية أساسية لبناء المجتمع المدني وإرساء قواعده، فالتعدّدية والديموقراطية وحرية المعتقد وقبول الاختلاف في الرأي والفكر وثقافة الإنسان وتقدير المواثيق الوطنية واحترام سيادة القانون، خيارات استراتيجية وقيم إنسانية ناجزة لا تقبل التراجع ولا التفريط ولا المساومة، فالتسامح عامل فاعل في بناء المجتمع المدني، ومشجّع على تفعيل قواعده.
معطيات التسامح الإجتماعي والسياسي


قبل أن نبدأ بالحديث عن الأبعاد الاجتماعية لثقافة التسامح، لا بد لنا أن نوظف عقولنا وأفكارنا وعلومنا وبقلوب صافية ونقية، لفهم المعاني الحقيقية لهذه الثقافة وما يمكن أن تحققه في مجتمعاتنا العربية من خيرٍ وحبٍ وسلامٍ ورفاهيةٍ وتقدم.

فعلى الصعيد الاجتماعي تتجلى هذه الخصيصة الحضارية في محيطنا الاجتماعي في ماذا سنجني من التسامح وماذا سيمنحنا من مكتسبات ترتقي بنا إلى مصاف التحضر؟

فالتسامح الاجتماعي يحرص إلى تعزيز الأمور التي سوف أسوقها في بحثي هذا وهي:

1- تعزيز الحرية:

إن التسامح يفتح آفاقاً جديدة في فهم حقوق الآخرين وواجباتهم تجاه غيرهم وعدم فرض قيود على الآخرين ما يتيح تحول الأفراد والمجموعات لمزيد من التمدن ويؤصل من قيمة الحرية.

إن الحد من سلطة السلطة والقوة لدى الفرد والتفكير بطريقة متعايشة ومحبة للآخرين يدعو لمزيد من تشذيب سلوكياتنا وتقنينها نحو الحقوق والواجبات التي تؤطر حياتنا.

فالسلطة المتسامحة حينما تترك للشعب أن يكون مسؤولاً لما سيختاره لنفسه، فإنها في واقع الأمر ستساهم في دفع الأفراد للحد من سلطتهم تجاه غيرهم وسنجد أنفسنا في أحضان دولة مدنية يحكمها القانون ويسودها التبادل المنفعي مما يؤدي إلى تعزيز العدالة بشكل كبير.

بل إن التسامح سيساهم بجدية في تكريس الأطر الديمقراطية، ذلك أن جزءاً كبيراً من مفهوم الديمقراطية يرتبط بالمشاعر الشخصية فاحترام الأغلبية لرأي الأقلية يتطلب روحية معنوية خاصة تتقبل احترام الأقلية وترتضي عن طيب خاطر ممارسة الأقلية حقوقها المشروعة وشعائرها.

2- تحقيق العدالة:

إن كل شخص لديه الحق في التسامح المساوي لحقوق الآخرين، فلا نستطيع أن نقول أن التسامح يقتصر على آرائنا وأعمالنا وسلوكياتنا ولا يحق لآراء وأعمال الآخرين التمتع به.

إن ذلك سيكرس مفهوماً تكاملياً جديداً للعدالة في المجتمع ويضيف أبعاداً أكثر أهمية من خلال المناصفة وتوزع الحقوق على الجميع بشكل عادل ومساوٍ.

2- التسامح الإجتماعي مجال خصب لصناعة الأفكار:

يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرفق رأس الحكمة).

أن التسامح يدعو لفهم الأفكار واستيعابها ويعمل على استحواذ انتباهنا لخلفيات كافة الأفكار المحيطة بنا وخاصة أفكار الآخرين المنافسين أو الأنداد، وإن كانت وجهة نظرنا تبدو غريبة وكريهة وغير منطقية.

ففي الوقت الذي تطالب وبإلحاح الاهتمام الجدي بما تقوله وتطرحه من أفكار ومعتقدات فأنت مطالب أيضاً بالاستماع والانتباه لما يقوله الآخرون.

وفي ذلك يقول المفكر الفرنسي(فولتير): (أنا لا أؤمن بكل ما تريد أن تقول ولكنني سأدافع حتى الموت في حقك أن تقول ما تريد).

إن التبادل الأخلاقي مع الآخرين وفكرهم ينطوي على صناعة وتأصيل الوعي المتزايد ويشكل خلفية ثقافية ناهضة تقبل على قراءة وتفحص ما يتبناه الآخر المختلف كما يتفحص الآخرون فكرنا، مما يثري الساحة ويحدث موجة من التلاقح الفكري والحيوي والثقافي.

والتسامح كذلك يؤسس قاعدة تغيير أفكار الآخرين على أسس عقلانية وهو بحد ذاته جهد ثقافي وفكري جبار مما يلزم إحداث تجديد فكري وثقافي في الأمة يتناسب وعقلانية قادرة على مجاراة النهوض الفكري المنتشر، خصوصاً وما يحدث اليوم على الساحة العالمية من نظرتها تجاه الإسلام هذه النظرة التي البسها بعض المتطرفين ليظهروا للعالم أن الإسلام لا يحمل مثل هذه الخصيصة الإنسانية، فعن طريق التسامح يكون العمل على صياغة آليات عمل مناسبة لصهر الجميع في بوتقة المجتمع والدولة وعدم إتاحة الفرصة لتغلغل مشاعر الفرقة والشتات والضياع.

4- نقد الذات:

يفعل التسامح فعل السحر في ممارسة النقد الذاتي، إذ أنه يلح على رواده توجيه التفكير نحو الحقيقة والوصول إلى جوهر الفكرة وأصالتها، لا التفكير بنزعات النفس والهوى الملازم للفكرة، ولنا أن نتصور كيف يمكن أن يحافظ المتسامحون على الروح النقدية من كافة المعضلات والمشاكل والأحداث التي تحيق بهم إذا امتلكوا روحاً شفافة تبحث عن الحقيقة وتؤثر من ذاتها لأجل نصرة الحق.

ولنا في ذلك ضرب في الأمثال متمثل في أئمتنا عليهم السلام وما حدث مع الإمام الباقر عليه السلام هو خير مصداق لكلامنا، فيذكر أن رجلاً مرّ على الإمام الباقر عليه السلام فقال له: السلام عليك يا بقرة!

فقال الإمام عليه السلام: أنا الباقر .

فقال له الرجل: يبن الطباخه!

فقال له الإمام عليه السلام: هو دأبها.

فقال الرجل: يبن بذيئة اللسان!

فقال الإمام عليه السلام: إن كانت كذلك غفر الله لها وان كنت كذلك غفر الله لك.

فقال الرجل الله يعلم أين يضع سره.

وهذا يوضح ما لممارسة نقد الذات والأفكار والأطروحات من تشكيله لقاعدة جوهرية في إدراك رفيع لتلك الأفكار والمضامين بعيداً عن التشنج والتعالي.

ولو أمعن رواد الحركة الإسلامية في التسامح وابتعدوا عن عقلية الاحتكار والتفرد والوصاية على عقول وتفكير الآخرين لوجدوا أنفسهم في حضن النهضة الثقافية حيث تزدهر تطلعاتهم وتنهض لديهم أفكار مبدعة، لكن النظرة الفوقية دائماً لا تتيح التمتع بمميزات وآراء ذلك الأدنى خاصة إذا اصطبغت أفكار وآراء ذلك الأدنى بلون الكفر.
توصيات عامة للوصول إلى التسامح:


لأجل الوصول إلى التسامح الشامل في مجالات الحياة السياسية

أو الاجتماعية أو حتى العقدية منها (الدينية) لا بدّ علينا من أن نهتم بالأمور الآتية:

1- العمل على تأصيل مبدأ التسامح، لا التأصيل النابع من ناحية المفهوم وأولوية السبق المصطلحي بين الشرق والغرب، لأننا لسنا في صدد إثبات أقدمية التسامح في الإسلام، إنما من أجل إبعاد الحساسية التي أبداها بعض مفكري عصر النهضة من غربة الفكرة وإستيرادها.

ولأجل ذلك نحن مدعون إلى تجسيد ثمة معطيات رئيسية في التعامل والتكامل مع الآخرين عن طريق:

أ- الإصغاء للآخرين أياً كانوا بدافع التعلم منهم لا احترامهم فحسب، خاصة خصومنا وأندادنا ونعني بالإصغاء ملاحقة وملاحظة قيمهم وفكرهم وطرق تفكيرهم والأسس الفكرية التي انطلقوا منها في تدعيم رأيهم وفكرهم ومنطقهم.

ب- المطالبة بتوفير الأجواء المناسبة للتسامح وأهمها جعل القيمة ذات مضمون حياتي في مختلف مشارب تعاملاتنا، وأولها تأصيلها في الأسرة الصغيرة وتشذيب سلوكياتنا بمزيد من التسامح والاتساع في ذلك ليشمل كل أبعاد الحياة.

ج-الكف عن ممارسة السلطة أو استخدام القوة في التدخل بآراء الآخرين وأعمالهم ونشاطهم وأساليب تحركهم وطرق تفكيرهم، نعم بإمكاننا التنبيه على المزالق التي يقعون بها أو كشف من يخل بالالتزامات الأخلاقية للتسامح أو يتجاوز قواعدها الأساسية بطريقة مشينة، ولكن لا يحق لنا أن نتدخل بآرائهم وأعمالهم وإن كنا لا نوافق عليها عقيدياً أو فكرياً أو أخلاقياً.

2- التأكيد على حق الإختلاف بين البشر فالإختلاف آية بينة، وإن كان لا يلغى الإئتلاف، فالتسامح لم يرد في الشريعة الإسلامية إلا أنه يشير إلى إحدى خصائص المجتمع المسلم، كما جاءت الشريعة بما يقاربه أو يدل على معناه، فقد دعا القرآن الكريم إلى التقوى والتشاور والتآزر والتواصي والتراحم والتعارف، وكلها من صفات التسامح.

3- المطالبة بتكريس التسامح في الحياة السياسية ففي ظل التعدد في التركيبة المجتمعية الموجودة في مجتمعانتا ، فإنه لا بد من تقبل قيام أي أقلية أو طائفة أو تنظيم سياسي أو ديني تشكيل حزب سياسي يمثله والقيام بالترويج لأفكاره وإن كان مناهضاً لأطروحاتنا، فليس لنا الحق بادعاء إمتلاك الحقيقة السياسية ومصادرة رأي الآخرين.

4- نهوض الثقافة المدنية القائمة على فلسفة تأصيل طرائق التعددية وبناء مفهوم جديد للمواطنة يقوم على إحترام الحريات والحقوق الممنوحة للفرد والتداول السلمي للسلطة ورفض أشكال الاستبداد والدكتاتورية كافة في مختلف مناحي الحياة وهذا يتطلب سعياً حثيثاً نحو تغيير كل مؤسسات الدولة وطرقها عن طريق القضاء على الفساد الموجود في مؤسسات الدولة المختلفة، كما ويسعى إلى تأصيل مبادئ حقوق الإنسان، والعمل على إزاحة معالم الدولة العسكرية و(عسكرة الشعوب) والمركزية المطلقة في الحكم.

خاتمة:

ومما تقدم يتضح لنا بجلاء إلى أي مدى يعتبر التسامح الإيجابي -بوصفه تسامحاً شاملاً أو تسامحاً دينياً- من العناصر الأساسية في تعاليم الإسلام، وبالتالي من الأهداف التي ترمي إليها التربية الإسلامية.

ومن هنا فإن التزام المسلمين بذلك وحمايتهم لحقوق الانسان والجماعات المتنوعة وأتباع الديانات الأخرى الذين يعيشون في المجتمعات الإسلامية أمر يدخل في إطار التزاماتهم الدينية التي تقضي بالحفاظ والدفاع عن الحقوق الإنسانية العامة للجميع.
التسامح والعفو من شيم الكرام Hammsscom
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لطيفه
عضو ذهبى
عضو ذهبى
لطيفه


عدد المساهمات : 2081
نقاط : 2474
تاريخ التسجيل : 21/06/2010
العمر : 39
الموقع : طنطا

التسامح والعفو من شيم الكرام Empty
مُساهمةموضوع: رد: التسامح والعفو من شيم الكرام   التسامح والعفو من شيم الكرام Emptyالثلاثاء نوفمبر 16, 2010 2:16 pm

صدقتى الغاليه / أمانى
ردك اسعدنى وازاد الموضوع قيمه
التسامح والعفو من شيم الكرام Arab-school_e54926a2a2
التسامح والعفو من شيم الكرام Picture
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لطيفه
عضو ذهبى
عضو ذهبى
لطيفه


عدد المساهمات : 2081
نقاط : 2474
تاريخ التسجيل : 21/06/2010
العمر : 39
الموقع : طنطا

التسامح والعفو من شيم الكرام Empty
مُساهمةموضوع: رد: التسامح والعفو من شيم الكرام   التسامح والعفو من شيم الكرام Emptyالثلاثاء نوفمبر 16, 2010 2:16 pm

صدقتى الغاليه / أمانى
ردك اسعدنى وازاد الموضوع قيمه
التسامح والعفو من شيم الكرام Arab-school_e54926a2a2
التسامح والعفو من شيم الكرام Picture
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التسامح والعفو من شيم الكرام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التسامح والعفو من شيم الكرام
» التسامح له اصول ......اتعرفها؟؟
» رساله لاعضائنا الكرام ...
» رسالة منتدانا للاعضاء الكرام !!!
» إلى جميع الأعضاء الكرام .. أرجو المعذرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى أبناء الغربــــــــــــــــــــــية :: استراحة دينية :: الأعجاز العلمى للقرآن الكريم :: صور الأعجاز العلمى للقرآن الكريم-
انتقل الى: