السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل كل رجل يدرك معنى الرجولة الحقيقية؟ وما هي مقومات الرجولة الحقة؟
أسئلة باتت تطرح نفسها بقوة في الآونة الأخيرة بعد أن أصبحت الميوعة والدلع
والاستهتار صفات منتشرة بين شباب هذا العصر، فيما اختفت صفات الرجولة من شهامة ونخوة ومروءة وشجاعة وتحمل للصعاب، وقد جاء ذلك نتيجة طبيعية لاتباع الوالدين طرق تربية مختلفة مع أولادهم عن تلك التي نشئوا عليها، اعتقادا منهما بأن دورهما كممول للأسرة يغني عن دورهما التربوي الأساسي الذي يساهم بشكل كبير في تشكيل فكر الطفل وسلوكه.
معايير مقلوبة لا يصح أن نتحدث عن المفهوم الصحيح للرجولة دون أن نتطرق للحديث عن أسباب ضياعها في هذا الزمان، ولعل انقلاب المعايير كما أخبرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من أهم هذه الأسباب، فكما يقول الحديث: (يأتي على الناس زمان يصدق فيه الكاذب ويكذب فيه الصادق، ويؤتمن فيه الخائن ويخون فيه الأمين ويكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع).
وهكذا نرى أن الرجولة بمقاييس هذا الزمان صارت تتجسد في الخيانة وعدم الوفاء واللجوء للكذب للتخلص من المواقف المحرجة والاستقواء على الضعفاء.. بينما الرجولة الحقة قد تبدو في كلمة شرف تنم عن حسن الخلق.. أو قولة حق تجهر بها ولا تأخذك فيها لومة لائم، أو موقف تحسن فيه إلى من أحسن إليك وتتجاوز عمن أساء، هي أن تغفر وتعفو عند المقدرة وتعرف قدر نفسك فلا تتجاوز بها الحد، هي أن تمد يد العون للمحتاج في كل الظروف وتمسح بيد حانية دمعة ألم عن وجه بائس، حتى تنام قرير العين مرتاح الضمير غير ظالم لأحد.. والأهم من هذا وذاك أن تقدم طاعة الله على المال والزوجة والولد.
الطريق إلى الرجولة
والسؤال الذي بات يشغل معظم الأمهات حاليا هو: كيف نغرس صفات الرجولة الحقيقية في شخصية الطفل كي ينمو رجلا سويا بعيدا عن المفاهيم الخاطئة التي سادت في الوقت الحالي؟
وللإجابة على هذا السؤال لكل أم مجموعة من الخطوات يرى المتخصصون أنها من الممكن أن تنمي داخل الطفل مجموعة من القيم الإيجابية تبقى معه إلى أن يصير رجلا:
1- اعلمي أن وصف الصغير بصفات جميلة على مسمع منه كالشهامة والشجاعة ينمي لديه الإحساس بالمسئولية، ويشعره بأنه أكبر من سنه فيزداد نضجه ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد ويشعر بمشابهته للكبار.
2- احرصي دائما على اصطحابه في نزهة للأماكن العامة ومشاركته مجالس الكبار، فهذا ينمي قدرته على الفهم ويوسع مداركه، ويحمله على محاكاة الكبار ويرفعه عن الاستغراق في اللهو واللعب.
3- حدثيه عن بطولات السابقين واللاحقين، والمعارك الإسلامية الكبيرة والغزوات التي انتصر فيها المسلمون، لتعظيم معنى الشجاعة في نفسه، فهي من أهم صفات الرجولة.
4- علميه أدب التعامل مع الكبار.. كيف يتحدث.. كيف يسلم.. كيف يجلس.. والأهم كيف يكون مستمعا جيدا لهم, وكيف يحترم آراءهم ويقدمهم على نفسه.
5- شجعي طفلك على المشاركة في المناقشات الأسرية، وإياك والسخرية من رأيه مهما كان غير ذي قيمة، فالاستهزاء بآراء الصغير تفقده الثقة بنفسه وتجعله يشعر أنه بلا قيمة، وبمرور الوقت ينمو بداخله الإحساس بالضآلة الذي يمنعه من التفاعل الإيجابي مع المجتمع من حوله.
6- اهتمي بممارسة طفلك لرياضات الرجال كالرماية والسباحة وركوب الخيل، ولا تعرضيه لأسباب الميوعة والتخنث كالرقص والميوعة في المشي والحركات وارتداء الحرير والذهب الذي هو من طبائع النساء.
7- حاولي إبعاده عن مجالس اللهو والغناء فإنها منافية للرجولة ومناقضة لصفة الجد.
8- احرصي على الحشمة في ملابسه والبعد عن الأزياء وقصات الشعر المتشبهة
بالنساء، وكرري على مسامعه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال"؛ لينشأ على ذلك ولا يستجيب في المستقبل لأي موضة تخالف هذا المبدأ.
9- أعطي الصغير إحساسا بالأهمية مثل إلقاء السلام عليه وغير ذلك من السلوكيات البسيطة، واحرصي دائما على إعطائه قدره وقيمته أمام الآخرين وتجنبي إهانته أمام الغير.
10- اعهدي إليه بمسئوليات تناسب سنه وقدراته.. واستأمنيه على النقود.. وعلميه كيفية المحافظة عليها وكيف ومتى ينفقها.. وكيف يكون وسطا بين التقتير والتبذير.
11- اهتمي بتعليمه الجرأة وقول الحق وكتمان الأسرار.. ووضحي له أن إفشاءها يسبب الكثير من المشاكل ويقضي على الخصوصية.
12- حاولي إبعاده عن الترف وحياة "الدلع" والكسل قدر المستطاع، ورسخي بداخله أن الراحة والبطالة تتنافى مع الرجولة، واحرصي على الحديث عن نجاح والده وحرصه
على العمل للنهوض بمسئوليات الأسرة ليكون أهم قدوة له في حياته.
وفي النهاية تحدثي مع طفلك دائما عن المعنى الحقيقي للرجولة, وأنها لا تعني أن يكون
مفتول العضلات وسيم الشكل ومن الأثرياء، أو أن يملك سلاحا يفرض من خلاله قوته على الآخرين، ولكنها تعني الشهامة والمروءة والقدرة على التضحية والبذل والعطاء,
والأخلاق الكريمة بكل ما تشتمل عليها من صفات